تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال -رحمه الله تعالى-: (ومن أخرَّ القضاء لعذر حتى أدركه رمضان آخر فليس عليه غير القضاء) الواجب على من أفطر في نهار رمضان؛ لعذر؛ لسفر أو مرض أو غيره أن يبادر إلى القضاء وهذا هو المستحب في حقه ويتأكد ذلك إذا ضاق الوقت بحيث قرب وقت رمضان الآخر فمثلاً نحن الآن في هذه الأيام في شهر شعبان نحث الإخوة على أن يبادروا بقضاء الصوم الواجب عليهم ولكن لو قدِّر أن هذا الذي أفطر أياماً من رمضان لعذر أنه لم يبادر حتى أدركه رمضان آخر فهذا فيه تفصيل.

قال المؤلف: (إن كان هذا لعذر فليس عليه غير القضاء) يعني:: إن كان هذا التأخير إنما حصل لعذر فليس عليه إلا القضاء كأن يفطر لمرض ثم يستمر معه المرض، ثم بعد ذلك يدركه رمضان من العام الذي يليه ثم يشفى بعد وهنا لا يلزمه إلا القضاء فقط, أي أنه لا يلزمه مع القضاء الإطعام.

قال: (وإن فرط أطعم مع القضاء لكل يوم مسكيناً) يعني: إن كان التأخير ليس لعذر وإنما من باب التفريط والتساهل والإهمال والتسويف, كل يوم يقول: أصوم غداً حتى أدركه رمضان من العام الذي يليه فيقول المؤلف: (إنه يلزمه مع القضاء أن يطعم عن كل يوم مسكيناً) فإذا كانت الأيام التي أفطرها خمسة أيام قضى خمسة أيام وأطعم خمسة مساكين, عشرة أيام قضى عشرة أيام وأطعم عشرة مساكين أما القضاء فالدليل عليه ظاهر: ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ?.

وأما الإطعام فلم يثبت دليل من السنة يدل على ذلك ولكنه روي في حديث ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من مات وعليه صيام شهر رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين) ولكن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا قال الترمذي: الصحيح أنه موقوف على ابن عمر فيكون هذا من كلام ابن عمر.

كذلك روي أيضاً عن عائشة -رضي الله عنها- وابن عباس مثل هذا أنه يطعم مع القضاء عن كل يوم مسكيناً ولكن قال بعض أهل العلم: إن الله - عز وجل-إنما أوجب القضاء فقط في قوله – سبحانه-: ? فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? [البقرة: 184] وأطلق - جل وعلا- وإيجاب الإطعام مع القضاء يحتاج إلى دليل ظاهر لأن إيجاب مثل هذا الأمر على عباد الله – تعالى- يحتاج إلى دليل صحيح صريح ولم يرد في السنة دليل صحيح صريح يدل على وجوب الإطعام.

وأما ما روي عن بعض الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- فهو اجتهاد منهم لعلهم قصدوا من ذلك حث الإنسان على المبادرة إلى القضاء ولهذا فإنه يحمل على الاستحباب لأنه يستحب مع القضاء الإطعام وهذا القول هو الأقرب في هذه المسألة - والله تعالى أعلم- هو أن من أخر القضاء لغير عذر حتى أدركه رمضان من العام الذي يليه فيلزمه القضاء وأيضاً يأثم بهذا التأخير وأما وجوب الإطعام فالأظهر أنه لا يجب، وإنما يستحب له ذلك أخذاً بما روي عن بعض الصحابة في هذا من آثار وخروجاً من الخلاف وهذا هو القول الأظهر في هذه المسألة - والله تعالى أعلم-.

قال: (وإن ترك القضاء حتى مات لعذر فلا شيء عليه) هذا إنسان أفطر لعذر, ثم إن هذا العذر استمر معه فلم يتمكن من القضاء فهذا لا شيء عليه، لكن هذا إذا كان الواجب عليه القضاء أما إذا كان الواجب عليه الإطعام ابتداء فإنه لابد أن يُخرَج عنه من تركته يعني: مثلاً المريض إذا كان مرضه لا يرجى برؤه فإنه تعين ابتداء الإطعام، فيطعم عنه ولذلك لو مات مثلاً بعد رمضان مباشرة فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكيناً لكن لو كان مرضه يرجى برؤه ولكنه لم يتمكن من القضاء لكون المرض استمر معه مع كونه مرجو البرء استمر معه هذا المرض ثم تفاقم معه حتى مات فهنا لا شيء عليه هذا معنى قول المؤلف: (إنه لا شيء عليه).

قال: (وإن كان لغير عذر أُطعِمَ عنه لكل يوم مسكينٌ) يعني: إن كان التأخير لغير عذر كأن يكون مريضاً مرضاً يرجى برؤه وأخر القضاء وفرط ثم مات فإنه يطعم عنه عن كل يوم مسكين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير