نعم أحسنت يصح أن يكون الصوم من غير أقاربه. إذن: لا يشترط أن يكون الصوم من أقاربه، لكن أقاربه أولى بأن يصوموا عن قريبهم.
إذن: خلاصة القول في هذه المسألة: أن من مات وعليه صوم إن كان تأخيره القضاء لعذر كأن يكون مريضاً واستمر به المرض وهذا المرض مما يرجى برؤه لكنه استمر به حتى مات فإنه لا شيء عليه.
أما إن أخر القضاء لغير عذر فمات فإنه يستحب لوليه أن يصوم عنه من باب الاستحباب وليس من باب الوجوب فإن لم يتيسر الصيام عنه فإنه يُطعَم عنه عن كل يوم مسكينٌ وأن هذا ليس خاصاً بصيام النذر بل يشمل كل صوم واجب.
قال: (وكذلك كل نذرِ طاعةٍ) أفادنا المؤلف بهذا أن المنذورات تقضى عن الميت يعني: أن هذا لا يختص بالصوم بل يشمل كذلك الحج، يشمل الصدقة، بل حتى يشمل الصلاة أيضاً قد روي ذلك عن بعض الصحابة فكما في البخاري وغيره. والنذر عقده مكروه يكره عقد النذر, وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه كما في الصحيحين وقال: (إنه لا يأتي بخير إنما يستخرج من البخيل) , ولكن هذا النهي محمول عند أهل العلم على الكراهة وليس على التحريم لأن الله- تعالى- أثنى على الموفين بالنذر ? يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرً?7?? [الإنسان: 7] ولو كان عقد النذر محرماً لما أثنى الله- تعالى- على الموفين بالنذر فدل ذلك على أن عقد النذر ابتداءً أنه مكروه وليس محرماً. ولكن ما معنى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن النذر لا يأتي بخير)؟ يعني: أن النذر يندم صاحبه على نذره هذا في الغالب. كم من إنسان نذر ثم ندم, فهو لا يأتي بخير لا يأتي هذا النذر بشيء ولا يرد من قدر الله شيئاً يعني: لا يظن الظانٌّ أنه إذا نذر: إن شفى الله مريضه مثلاً فعل كذا أنه سيشفى المرض بسبب هذا النذر؛ فالنذر لا يرد من قدر الله- تعالى- شيئاً ولكن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما يستخرج من البخيل) ما معنى إنما يستخرج النذر من البخيل؟
لأنه لو كان كريم ما احتاج إلى النذر
نعم أحسنت يعني: الإنسان غير البخيل يتصدق من غير حاجة للنذر, يفعل الطاعة من غير حاجة للنذر, أما البخيل لا يمكن أن يبذل وينفق ويتصدق إلا بشيء يلزمه بالنذر ولهذا قال: (إنما يستخرج من البخيل)، ولذلك ترد أسئلة كثيرة في النذر وفي الوفاء بالنذر وفي مسائل النذر نقول للإخوة المشاهدين: ينبغي للمسلم ألا يلجأ للنذر لا داعي لأن ينذر وليستحضر بأن هذا النذر لا يرد من قدر الله شيئاً.
وإذا كان نذر طاعة يجب عليه أن يفي به, إذا كان النذر نذر طاعة فإنه هو الذي أوجب على نفسه شيئاً لم يوجبه الله - عز وجل- عليه ومن نذر نذر طاعة ولم يفِ بهذا النذر فإنه على خطر عظيم كما قال الله - عز وجل-: ? وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ?75?فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُم مُّعْرِضُونَ?76? ? [التوبة: 75، 76] ما هي العقوبة؟ انتبه العقوبة عقوبة شديدة, عقوبة معنوية لكنها عقوبة شديدة ? فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ?77?? [التوبة: 77] إذن: عقوبة من عاهد الله- تعالى- ولم يفِ بهذا العهد من نذر طاعة هي هذه العقوبة الشديدة هو أن يجعل في قلبه النفاق إلى الممات- والعياذ بالله-: ? فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ?77??.
فمن نذر مثلاً أن يصوم ولم يصم, نذر أن يتصدق ولم يتصدق, نذر نذر طاعة ولم يفعله هو على خطر من أن تحل به هذه العقوبة العظيمة وهو أن يجعل النفاق في قلبه إلى أن يموت وهذا أشد ما يكون من العقوبة وربما تكون هذه العقوبة أشد من العقوبة الحسية لأن هذه العقوبة ربما تحل بالإنسان من حيث لا يشعر فيكون في قبله النفاق إلى أن يموت فلا يوفق لتوبة ولا لإنابة ولهذا فالإنسان في سعة من أمره, لماذا يوجب على نفسه شيئاً لم يوجبه الله عليه؟ لماذا؟!! هو يضيق على نفسه ويدخل نفسه في الحرج ولهذا نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن هذا قال: (إنه لا يأتي بخير) تأملوا- أيها الإخوة- هذه العبارة
¥