تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(إنه لا يأتي بخير) النذر لا يأتي بخير أبداً ولا يرد من قدر الله شيئاً ولكنه إنما يستخرج من البخيل.

ولهذا أكرر النصيحة للإخوة المشاهدين لأنه ترد- الحقيقة- أسئلة كثيرة حول هذا الموضوع فالإنسان مادام في السعة لا يوقع نفسه في الحرج, لا ينذر نذر طاعة ثم بعد ذلك يذهب يستفتي ويريد الخلاص والمخرج فهذا إذن معنى كلام المؤلف (وكذلك كل نذر طاعة) وبهذا نكون قد انتهينا من هذا الباب ننتقل بعد ذلك إلى باب جديد.

باب ما يفسد الصوم:

باب ما يفسد الصوم يقول المصنف -رحمه الله تعالى-: (ومن أكل أو شرب أو استعطى أو وصل إلى جوفه شيئاً في أي موضع كان أو استقاء أو استمنى أو قبَّلَ أو لمس فأمنى أو أمذى أو كرر النظر حتى أنزل أو حجم أو احتجم عامداً ذاكراً لصومه فسد صومه وإن فعله ناسياً أو مكرها لم يفسد صومه).

قال: (باب ما يفسد الصوم) ما يفسد الصوم يعني: ما ينافي الصوم، تسمى عند الفقهاء بالمفطرات وقد ذكر الله - عز وجل- أصولها في قوله- سبحانه- ? فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? [البقرة: 187] فذكر الله - عز وجل- أصول هذه المفطرات وهي ثلاثة: الأكل والشرب والجماع. هذه هي أصول المفطرات.

ولهذا بدأ المؤلف بها: أما الجماع فقد سبق أن تكلمنا عنه وقلنا: هو أشد المفطرات وأعظمها وهو الموجب للكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً مع القضاء والتوبة أيضاً.

قال: (من أكل أو شرب)

الأكل: هو إيصال جامد إلى الجوف عن طريق الفم.

وأما الشرب: فهو إيصال مائع إلى الجوف عن طريق الفم. ولا يشترط المضغ, متى ما وصل جامد إلى جوفه فيقال: إنه أكل ولا يشترط مضغ هذا الجامد حتى ولو كان هذا الذي يصل إلى الجوف لا تحصل به التغذية فإنه يحصل به التفطير كما لو بلغ خرزة أو حصاة أو نحوها فإنه يحصل به التفطير.

قال الموفق ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: (أكل ما لا تغذى به يحصل به الفطر في قول عامة أهل العلم) إذن: الأكل والشرب محل إجماع أنه يحصل به التفطير.

قال: (أو استعطى) قوله: استعطى أي جعل في أنفه سعوطاً والسعوط: هو ما يجعل في الأنف من الأدوية وذلك أن الأنف منفذ يصل إلى المعدة فإذا جعل في أنفه دواء وصل إلى جوفه فإنه يحصل بذلك التفطير الدليل على ذلك حديث لقيط بن سبرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائماً) وهو حديث صحيح من جهة السند فقوله: (إلا أن تكون صائم) دليل على أن وصول ماء الوضوء عن طريق الأنف أنه يفطر الصائم.

إذن: الأنف يعتبر منفذاً إلى المعدة ويحصل به التفطير ولهذا بعض المرضى إذا تعذر إيصال الأكل عن طريق الفم فإنه يوصل الأكل له عن طريق الأنف فإذن: الأنف يعتبر منفذاً إلى المعدة وبهذا نعلم بأن قطرة الأنف إذا وصلت إلى الحلق فإنها تفطر الصائم.

إذن: الأنف منفذ إلى المعدة فهو كالفم ولهذا فإن من كان يستخدم قطرة أنف يجب عليه أن يتجنب استخدام هذه القطرة وهو صائم إلا إذا اضطر لذلك فإن حكمه يكون حكم المريض, والله- تعالى- قال: ? فَمَن كَانَ مِنْكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ? [البقرة: 184] أي: أنه يفطر بذلك ويقضي.

قاس بعض العلماء على ذلك قاسوا الكحل والحقنة للصائم وكذلك قطرة الأذن هذا هو المشهور من المذهب عند الحنابلة وقالوا: إن هذه يحصل بها التفطير للصائم:

أما الكحل فقد جاء في سنن أبي داود عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (أمر بالإثمد المروح عند النوم وقال: ليتقه الصائم) ومعنى المروح يعني: المطيب بالمسك ولكن قال أبو داود بعد أن أخرج هذا الحديث قال: قال يحيى بن معين: حديث منكر. هذا الحديث إذن حديث ضعيف من جهة الإسناد وقد جاء في سنن أبي داود أيضاً عن أنس -رضي الله تعالى عنه- (أنه كان يكتحل وهو صائم) وأيضاً جاء عند ابن ماجة عن عائشة -رضي الله عنها- (أن النبي-صلى الله عليه وسلم- اكتحل في رمضان وهو صائم) لكن كلا الحديثين إسناده ضعيف ولهذا قال الترمذي -رحمه الله تعالى-: لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير