تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(أو احتلم) إذا احتلم الإنسان في منامه فأنزل فإن صومه صحيح ولا يفسد وذلك لأن هذا الاحتلام بغير اختياره ولكن هنا نشير إلى مسألة ترد فيها أسئلة وهي أن بعض الناس يظن أنه لو استمنى فإن صومه صحيح ويقيس ذلك على الاحتلام وهذا غير صحيح وإنما قلت هذا لأنه ترد فيه أسئلة من بعض العامة فالمقصود بقوله: (احتلم) يعني: في المنام أما لو أنه استمنى في حال اليقظة فأنزل فإن صومه يفسد قولاً واحداً وإذا جامع فسد صومه وعليه كفارة مغلظة كما ذكرنا لكن الكلام في هذه المسألة فيما إذا احتلم في منامه فأنزل فإن صومه صحيح لأن هذا بغير اختياره.

قال (أو ذرعه القيء) إذا غلبه القيء بغير اختياره فإن صومه صحيح أما لو تعمد أن يستقيء فإنه صومه يفسد ويدل لذلك حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقضِ) [أخرجه الترمذي] وله طرق متعددة يصل بمجموعها إلى درجة الحسن أو الصحيح.

أيضاً لو خرج منه دم بغير اختياره فإن صومه صحيح كما لو حصل له حادث أو نزيف مثلاً أو رعف أنفه فخرج منه دم ولو كان كثيراً فإن صومه صحيح.

القاعة أن ما خرج وما دخل بغير اختيار الإنسان فإنه لا يؤثر على صحة الصوم بل الصوم معه صحيح.

ثم قال المصنف -رحمه الله تعالى-: (ومن أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً فعليه القضاء) هذه مسألة مهمة (أكل يظنه ليلاً فبان نهار) قام إنسان من نومه يظن أنه لازال بليل ثم تسحر ثم إذا هو بعد دقيقة يسمع إقامة الصلاة أكل نهاراً فيقول المؤلف هنا: إن عليه القضاء (من أكل يظنه ليلاً فبان نهاراً فعليه القضاء) وهكذا أيضاً لو أكل يظن أن الشمس قد غربت فتبين أنها لم تغرب أو أكل بناء على سماع صوت المؤذن سمع مؤذناً يؤذن فظن أن الشمس قد غربت فأكل ثم تبين أنها لم تغرب أو كان هناك سحاب أو غيم أو قتر فظن أن الشمس قد غربت فأكل ثم طلعت الشمس فيقول المصنف: إنه يفسد صومه وعليه القضاء وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.

والقول الثاني في هذه المسألة: أن صومه صحيح وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وشيخنا محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى- أنه في هذه المسائل كلها إذا أفطر يظنه ليلاً فبان نهاراً أو أفطر يظنه الشمس قد غربت فتبين أنها لم تغرب في هذه المسائل صومه صحيح والدليل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن أسماء -رضي الله تعالى عنها- قالت: (أفطرنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم غيم ثم طلعت الشمس) ولم ينقل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالقضاء ولو أمروا بالقضاء لنقل كما نقل إفطارهم ولو أمروا بالقضاء لكان ذلك محفوظاً لأن هذا من تمام حفظ شريعة الله.

وأما أصحاب القول الأول الذين قالوا: إن عليهم القضاء في هذه الحال فقالوا: إن أسماء -رضي الله تعالى عنها- ذكرت أنهم أفطروا ثم طلعت الشمس ولم تذكر القضاء لأنه معلوم قالوا: ويدل لذلك قول هشام أحد رواة الحديث لما سئل: هل أمروا بالقضاء؟ قال: وهل بد من ذلك؟!!) [أخرجه أبو داود في سننه]، لكن جاء في رواية عنه أنه سئل: هل أمروا بالقضاء؟ قال: لا أدري.

وعلى كل حال هذا رأي لهشام واجتهاد من عنده ولكن العبرة بالنص فأسماء -رضي الله تعالى عنها- تذكر أنهم (أفطروا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم طلعت الشمس) ولم تذكر أنهم أمروا بالقضاء ولو أمروا بالقضاء لكان هذا من دين الله ولكان هذا محفوظاً وقد نصر ابن القيم -رحمه الله تعالى- في تهذيب السنن هذا القول وأنه لا يجب عليهم القضاء كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- وهو القول الصحيح في هذه المسألة وقد روي عن عمر -رضي الله تعالى عنه- (أنه أفطر هو والناس معه في عهده ثم طلعت الشمس لم يأمر الناس بالقضاء وقال: إنا لم نتجانف الاثم) يعني: لم نتعمد ولم نقصد لكن الآثار عن عمر -رضي الله تعالى عنه- متعارضة كما ذكر ذلك ابن القيم -رحمه الله تعالى- ولكن الأصول والقواعد الشرعية تدل لهذا القول وذلك أن الجهل ببقاء اليوم كنسيان ذلك اليوم كنسيان نفس الصوم ومن أكل ناسياً فإن صومه صحيح وكذلك أيضاً الجهل ببقاء اليوم، فنقول إذن: هذا جاهل يظن أن الشمس قد غربت فهو كما لو أكل أو شرب ناسياً كذلك هذا جاهل يظن أنه لازال بليل فتبين أنه نهار فهو كمن أكل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير