تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لابد من الإنكار عليه لأنه هو معذور لكن أنت غير معذور في الإنكار عليه فينبغي أن تبين له وأن تذكره بالصيام وتقول له: أنت صائم فتذكره بالصوم أما قول بعض العامة: اتركه حتى يكمل أكله لأن هذا طعمة من الله أطعمه الله وسقاه هذا غير صحيح لأنه هو معذور لكن أنت غير معذور في تذكيره بالصوم. إذن: يشترط أن يكون عامداً ذاكراً قال: (إذا كان عامداً ذاكراً لصومه فسد صومه) أي: إذا وقع في شيء من المفطرات, فإذا كان جاهلاً جهل مثلاً أن وضع القطرة في الأنف يحصل به التفطير إذا وصل ماء القطرة إلى الجوف, شخص مثلاً يحتاج لوضع القطرة في أنفه فأتى بالقطرة ووضعها في أنفه فوصل ماء القطرة إلى جوفه جاهلاً الحكم فلما تبين له قال: والله أنا كنت جاهلاً ما كنت أعلم بأن هذا يفسد الصوم فهل صومه صحيح؟

صومه صحيح لأنه يعذر بجهله

نعم يعذر بجهله إذن يعذر الإنسان بالجهل وبالنسيان وبالخطأ ? رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ? [البقرة: 286]، والعذر بالجهل والنسيان يكون في باب ارتكاب المحظور ولا يكون في باب ترك المأمور وهذه قاعدة مفيدة لطالب العلم, فمثلاً في باب الصيام إذا أكل أو شرب ناسياً أو جاهلاً ومثله يجهل كما مثلنا مثلاً بقطرة الأنف فصومه صحيح لأن هذا من باب ارتكاب المحظور ويعذر فيه بالجهل والنسيان لكن لو أنه لم يبيت النية من الليل فهنا لا يعذر ولو كان ناسياً لأن هذا من باب فعل المأمور هكذا أيضاً في باب الصلاة إذا صلى وعلى ثوبه نجاسة ناسياً لها أو أنه كان ذاكراً له لكن لما حان وقت الصلاة نسيها فصلاته صحيحة كما يدل لذلك قصة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بنعليه ثم أخبره جبريل بأن فيهما قذراً فخلع نعليه وأكمل النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاته ولم يستأنف صلاته من جديد لكن لو صلى بغير وضوء ناسياً فصلاته غير صحيحة حتى وإن كان ناسياً لأنه لا يعذر بالنسيان لأن هذا من باب ترك المأمور هكذا أيضاً في الحج لو كان المحرم ذكراً وغطى رأسه ناسياً فلا شيء عليه لأن هذا من باب ارتكاب المحظور لكن لو أنه لم يقف بعرفة ناسياً أو جاهلاً فلا حج له لأن هذا من باب ترك المأمور.

فإذن: نجد أن هذه القاعدة مطردة ما كان من باب ترك المأمور لا يعذر فيه بالجهل والنسيان أما ما كان من باب ارتكاب المحظور فإنه يعذر فيه بالجهل والنسيان وهذه قاعدة مطردة وهي قاعدة مفيدة لطالب العلم.

هكذا نقول بالنسبة للصوم: من أكل أو شرب أو وقع في مفسد من مفسدات الصوم ناسياً أو جاهلاً أو مخطئاً فإن صومه صحيح.

قال: (وإن فعله ناسياً أو مكرهاً لم يفسد صومه) لما ذكرنا قال: (وإن طار إلى حلقه ذباب أو غبار) يعني: بغير اختياره فصومه صحيح لم يفسد صومه فلو أنه طار إلى حلقه ذباب أو حشرة أو غبار أو حتى مثلاً ماء أتى يتوضأ فدخل في جوفه ماء بغير اختياره فإن صومه صحيح، ولهذا قال المصنف: (أو تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء لم يفسد صومه) فما كان بغير اختيار الإنسان لا يؤثر على صحة الصوم لأنه بغير اختياره.

قال: (أو فكر فأنزل) فإن صومه صحيح لأن التفكير غير مؤاخذ به المسلم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله وضع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) [أخرجه مسلم في صحيحه] وهذا من رحمة الله بعباده أن الهواجس وأمور التفكير التي تعتري المسلم هذا لا يؤاخذ به المسلم ما لم يصحب هذا التفكير وحديث النفس كلام أو فعل ما لم تعمل أو تتكلم (إن الله وضع عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) فإذن: حديث النفغس والتفكير لا يؤاخذ به المسلم ما لم يصحبه كلام أو عمل فلو فكر فأنزل فإن صومه صحيح لم يفسد صومه بذلك.

قال: (أو قطر في إحليله) يعني: لو أنه وضع قطرة في الإحليل أو حتى في الفرج أو في الدبر فسبق أن قلنا: إن صومه صحيح لأن هذا ليس أكلاً ولا شرباً ولا في معنى الأكل والشرب ولأن هذا ليس بمنفذ للأكل والشرب أو ما كان في معناهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير