على كل حال السؤال جيد، والفقهاء رحمهم الله تعالى تكلموا عن هذا، على قول بعض الفقهاء: أن الماء المستعمل لا يرفع به الحدث ولا يزال به النجاسة، والبعض الآخر يقول: لا، يرفع به الحدث، ولكن ويمكن إزالة به النجاسة؛ لأن النجاسة المقصود بها التنقية والإزالة؛ فإذا حصلت التنقية والإزالة بذلك، فذلك يتم، إنما بناء على ما رجحه بعض المحققين كشيخ الإسلام رحمه الله، ومن وافقه أيضاً من المعاصرين كالشيخ محمد بن العثيمين رحمه الله وغيرهم، لم ترد هذا لا يرد هذا؛ لأن المستعمل يعتبر ماءً طهوراً ترفع به الأحداث، وتزال به الأنجاس.
السلام عليكم، كيف حالك يا شيخ؟ الذين يقولون أن الماء لا يحكم بنجاسته إلا إذا تغير، فإذا كان ماء قليل، ورأيت أن نجاسة سقطت فيه، رأيت هذا بعيني، يعني مثل أن بال الطفل فيه لكن لم يتغير شيء من أوصاف الماء، هل يحكم بنجاسة هذا الماء وهو قليل؟
السؤال -الله يرعاك يا شيخ- لو وجدنا إناءين: الإناء الأول يكون مثلاً طهور، والإناء الآخر يكون نجس الله يرعاك، وما أدري في هذه الحال ولم أتيقن أن الإناء هذا مثلاً طاهر أو نجس ما نعمل الله يرعاك؟
يقول إن الماء قليل وسقطت فيه نجاسة لكن لم يتغير لا لونه ولا طعمه؟ فما رأيكم يا شيخ
هذا بناء على الخلاف الذي أشرنا إليه، وأنا الحقيقة باعتبار أن المنهج الذي سنسلكه هو منهج مبتدئين، موجه إلى أناس ما زالوا في بداية الطلب، وهذا هو الذي خصصت له هذا الفصل، وهذه الدورة، يعني أعرض بقدر ما أستطيع عن التوسع في الخلاف.
المسألة هذه محل خلاف بين الفقهاء، مبني على الحديث الذي أشرنا إليه قبل قليل، وهو ما روي عن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: (إذا بلغ الماء قلتين، لم يحمل الخبث) قالوا: إن مفهوم الحديث إنه إذا كان أقل من قلتين فإنه ينجس، بغض النظر عن تغيره، الآخرون الذين يقولون: لا ينجس إلا بالتغير، يقولون: حتى إذا كان أكثر من قلتين إذا تغير فإنه ينجس بالإجماع، ولهذا عندنا سواء منطوق الحديث وارد عليه، ومفهوم الحديث أيضاً يرد عليه.
منطوق الحديث لا ينجسه شيء يرد عليه، أنه إذا تغير ينجس، فأصبح الحديث على عمومه؛ لأن عموم الحديث أن ما زاد عن قلتين لا ينجس مطلقاً، ولكن الإجماع قائمٌ على أن الماء إذا تغير بالنجاسة؛ فإنه يعتبر نجس، ولو كان كثيراً ولو كان أكثر من قلتين.
أيضاً ما دون القلتين مفهوم الحديث أنه ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة، إذا تغير بالنجاسة، فهذا لا إشكال فيه أنه ينجس، الإجماع قائم على أنه ينجس، ولهذا المسألة قائمة على خلاف في هذه القضية.
الذين قالوا: إن ما دون القلتين ينجس بمجرد ملاقاة النجاسة يعتبر نجس، وبالتالي لا يجوز له أن يتوضأ به ولا أن يرفع به حدث.
أما على المذهب الذي رجح فإذا لم يتغير لا بلون ولا بطعم ولا بريح، فهذا يعتبر طهوراً يرفع الحدث، ويزيل النجاسة، ولكن ينبغي أيضاً أن يلحظ أمر، ينبغي أن يلحظ أمر، وهو قضية هل هذا الماء مضطر إليه، أو غير مضطر إليه.
إذا كان غير مضطر إليه وفيه ماء غيره يتجنبه من باب الاحتياط ومن باب أيضاً الخروج من الخلاف؛ ليتحقق أو ليسلم من قضية الإشكال في هذا الماء، بناء على القول الذي يرى أنه نجس.
أيضاً هل هذا الماء، أو النجاسة الواردة على الماء، هل ممكن أن تؤثر عليه صحياً أو غير صحياً، أحياناً يكون الماء ما ظهر على أوصافه أثر النجاسة، لا بلون، ولا بطعم، ولا بريح، ولكن ثبت أنه مضر بوجود ميكروبات فيه، مثل الماء المنقى الآن، الماء المنقى بالوسائل الحديثة، المجاري، مياه المجاري الآن تنقى بوسائل التقية الحديثة فتصبح عديمة اللون، وعديمة الطعم، وعديمة الرائحة، يعني لا فيها أثر نجاسة، لا بلون ولا بطعم ولا بريح.
الماء الذي خالطه الصابون أو العطر أعتبره طهور أم طاهر؟
نعم، أقول إن قرارات الهيئات العلمية، وهيئة كبار العلماء، وقرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وغيرهم يرون أن الماء المنقى بوسائل التنقية الحديثة، إذا ذهب لون النجاسة فيه أو طعمه أو ريحها فهذا يعتبر طهوراً يرفع الأحداث ويزيل الأنجاس.
ولكن نبهوا على قضية مهمة، قالوا: إلا إذا ثبت ضرره، يعني التنقية فيه من الميكروبات ليست مائة بالمائة؛ ويمكن أن يخشى من ضررها الصحي أن يتجنب.
كذلك هذا المسئول عنه.
¥