تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* تعريف الكاساني: " هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل " 6.

وهنا قد بيّن كونه عقداً، لكن لم يذكر اشتراط تحديد الثمن، فلم يكن جامعاً.

* تعريف ابن الهمام: " الاستصناع طلب الصنعة وهو أن يقول لصانع خف أو مكعب أو أواني الصفر اصنع لي خفا طوله كذا وسعته كذا أو دستا أي برمة تسع كذا وزنها كذا على هيئة كذا بكذا ويعطى الثمن المسمى أولا يعطي شيئا فيعقد الآخر معه "7.

وهو تعريف بالرسم لا الحد، حيث عرف الاستصناع بذكر بعض صوره.

* تعريف السمرقندي: " هو عقد على مبيع في الذمة وشرط عمله على الصانع "8.

وهو تعريف مختصر جيد، لكن يلاحظ عليه عدم ذكر الثمن واشتراطه.

* تعريف مجلة الأحكام العدلية: " مقاولة مع أهل الصنعة على أن يعمل شيئاً "9.

وهو من أجود التعريفات، لكن يلاحظ عليه كذلك عدم ذكر الثمن واشتراطه،وكذلك فهو غير مانع حيث يدخل فيه الإجارة.

ويمكننا من خلال التعريفات السابقة وما لوحظ عليها أن نقول: إن الاستصناع هو:

" عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل على وجه مخصوص بثمن معلوم ".

* شرح التعريف:

o عقد: يخرج ما هو وعد، وهو الصحيح خلافاً لأكثر فقهاء الأحناف.

o على مبيع: يخرج الإجارة، فهي عقد على منافع لا على عين.

o في الذمة: قيد ثالث احترز به عن البيع على عين حاضرة.

o شرط فيه العمل: أخرج السلم، حيث لا يشترط فيه كون المسلم فيه مصنوعاً.

o على وجه مخصوص: أي: جامع لشروط الاستصناع ببيان الجنس والنوع والقدر وغير ذلك مما تصير به معلومة، بحيث لا يؤدي إلى نزاع.

o بثمن معلوم: أي: قدره ونوعه، ولا يلزم قبضه في مجلس العقد على ما سيتم تفصيله قريباً - إن شاء الله -10

المبحث الثالث: أهميته:

تتضح أهمية عقد الاستصناع بالحاجة العظيمة إليه في الحياة البشرية، حيث بين الله أن البشر متفاوتون فيما بينهم تسخيرا منه سبحانه لبعضهم البعض، فقال سبحانه: " نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاُ سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون " 11، ومن صور تسخير البشر لبعض: عقد الاستصناع، فإن المستصنع محتاج لمن يصنع له حاجته بالشكل الذي يريد، والصانع محتاج إلى المال الذي يأخذه مقابل صنعته ليستعين به على مصارف الحياة هذا على وجه الإجمال، وأما على التفصيل فللاستصناع أهمية كبيرة تتضح فيما يلي:

* من جهة الصانع: فبالرفق في كون ما يصنعه جرى بيعه مسبقاً، وتحقق أنه ربح فيه، وعرف مقدار ربحه، فهو يعمل بطمأنينة، وعلى هدى وبصيرة، أما بغير عقد الاستصناع فإن الصانع قد يحتاج إلى مدة لتسويقه وربما يخسر خسائر كبيرة على حفظه لحين البيع، وقد تكسد البضاعة فتكون الخسارة مضاعفة - من جهة العمل ومن جهة المواد -.

* من جهة المستصنع: فبكونه يحصل على ما يريد بالصفة والنوع الذي يريد، فلا يضطر لشراء ما قد لا يناسبه من البضائع الجاهزة، بل إن بعض الأمور لا توجد جاهزة بل لا بد من طلب صنعها من الصانع فتصنع حسب الطلب، كبعض البيوت والأبنية، كما أن المستصنع يكون مطمئناً بالاستصناع لكونه يتابع الصنع بنفسه، فيتأكد من عدم وجود غرر أو تدليس في المصنوع، مما يجعله مرتاح النفس مطمئناً.

* من جهة المجتمع: فبالاستصناع تتحرك الأموال من جهة إلى أخرى مما ينعش الحركة الاقتصادية في البلد، ولذلك يدعو كثير من الاقتصاديين المسلمين إلى أهمية جعل أطراف الاستصناع من المسلمين لتنعش اقتصادهم وتزيد من مصادر دخلهم، كما أن فيه تفريغاً لأصحاب التخصصات في تخصصاتهم، فلو أن العالم أراد أن يبني بيتاً ولم يجد من يصنع له، لكان في ذلك ضرر كبير على المجتمع بإشغال هذا العالم مما يحرم المجتمع من علمه ونفعه، ومثل ذلك الطبيب والمفكر وغيرهم.12

الفصل الثاني: حقيقته وحكمه

المبحث الأول: الاستصناع بين العقد والوعد:

هناك سؤال يطرحه الفقهاء حول الاستصناع، ألا وهو: هل الاستصناع عقد أم وعد؟ وقبل الإجابة على ذلك نعرض لمحة مختصرة عن معنى العقد والوعد.

العقد لغة: من عقد الحبل إذا وثقه وأحكم ربطه، ومنه: عقد اليمين إذا وثقها وغلظها، وعقد البيع إذا أحكمه وأكده، والمعاقدة: المعاهدة، وتعاقد القوم فيما بينهم أي: تعاهدوا. 13

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير