ج 3: ورد من الأدعية الخاصة بسجود التلاوة أو العامة لسجود التلاوة وسجود الصلاة أحاديث كثيرة منها: ما رواه أبو داود (1) وغيره (2) أنه يقول: اللهم إني لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت، سجد وجهي لله الذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اكتب لي بها أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، اللهم تقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. ذكر هذه الأدعية ابن القيم في زاد المعاد (3) وغيره.
ويتأكد أن يبدأ سجوده بقول (سبحان ربي الأعلى) مرة على الأقل؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوها في سجودكم» (4) وله أن يزيد على ذلك بما يناسبه.
======
(1) برقم (1414).
(2) الترمذي (579، 580).
(3) 1/ 362.
(4) أبو داود (869) وابن ماجه (887).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:32 م]ـ
«سجدة سورة (ص)»
س 4: هل يسجد عند سجدة (ص)؟
ج 4: المشهور أنها ليست من السجدات المسنونة، وقد روى أبو داود (1) عن ابن عباس قال: «ليس (ص) من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد فيها».
وروى أيضًا (2) عن أبي سعيد قال: «قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر، فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان يوم آخر قرأها، فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ (3) الناس للسجود، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما هي توبة نبي، ولكن رأيتكم تَشَزَّنْتُم للسجود فنزل فسجد وسجدوا».
وروى النسائي (4) عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد في (ص) وقال: سجدها داود توبةً، ونحن نسجدها شكرًا».
واستدل بعض الصحابة على شرعية السجود فيها بقول الله - تعالى -: ? فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ ? [سورة الأنعام، الآية: 90] أي: ما فيها من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقتدي بالأنبياء المذكورين في الآيات السابقة ومنهم داود؛ فعلى هذا تكون سجدة شكر، والمختار سجودها خارج الصلاة.
=====
(1) برقم (1409).
(2) برقم (1410).
(3) التَّشَزُّن: التأهب والتهيؤ للشيء والاستعداد له. النهاية 2/ 471.
(4) برقم (958).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:36 م]ـ
«سجود التلاوة لكل من يستمع القراءة»
س5: هل يلزم سجود التلاوة لكل من يستمع القراءة؟
ج5: سجود التلاوة سنة وفضيلة، وليس بواجب؛ فقد روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه ذَكَرَ أنهم يمرون بآية السجود، فمن شاء سجد، ومن شاء ترك، وأخبر بأنه لم يُكتب علينا أي: لم يكن واجبًا (1).
وقد ذكر العلماء أنه يشرع السجود للقارئ والمستمع دون السامع، والفرق فيها أن المستمع هو الذي ينصت لسماع القراءة، ويتابع القارئ، ويتأمل ويتعقل ما يستمعه من هذه القراءة، فإذا سجد القارئ سجد معه المستمع، وإن لم يسجد القارئ لم يسجد المستمع؛ حيث إنه بمنزلة المأموم.
وأما السامع فهو الذي يسمع القراءة من بعيد، ولم يكن متابعًا للقارئ ولا منصتًا لقراءته، فهذا لا يشرع له السجود، وإن سجد فلا بأس بذلك، سيما إذا جمع آية السجدة ورأى القارئ سجد بعدها، حتى ولو كان ماشيًا أو مشتغلا بغير الاستماع.
=====
(1) البخاري (1077).
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:43 م]ـ
«السجود عبادة مستقلة»
س 6: إذا كان الشخص يكرر سورة للحفظ فيها سجدة فهل يسجد عند كل قراءة؟
ج 6: يشرع له ذلك فإن السجود عبادة مستقلة، وقربة وطاعة، وهو أفضل أفعال الصلاة؛ ولهذا يتقرب به مستقلا كسجود التلاوة وسجود الشكر، ومع ذلك فإنه مستحب لا واجب، فإن شق على القارئ تكرار السجود اكتفى بسجدة واحدة، سواء في المرة الأولى أو فيما بعدها، وهكذا لو سجد مرتين أي: في أول القراءة وفي آخرها، فليس لذلك حد محدود
ـ[فريد المرادي]ــــــــ[25 - 08 - 08, 10:55 م]ـ
«السجود للتلاوة في وقت النهي»
س 7: هل يسجد للتلاوة في وقت النهي؟
ج 7: اختلف في سجود التلاوة: هل هو صلاة أو ليس بصلاة؟ ولعل المختار أنه ليس بصلاة كما رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - (1) فعلى هذا لا مانع من السجود وقت النهي، حيث إن النهي إنما ورد عن مسمى الصلاة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس» (2) فإن مسمى الصلاة إنما يقع على ما فيه القيام والقعود والركوع والسجود، فلا تسمى السجدة الواحدة صلاة كسجدة الشكر وسجود التلاوة.
أما على القول بأنه صلاة كما اختاره كثير من الفقهاء، وذكر ذلك ابن قدامة كما في المقنع (3) وفي مختصره (4) وشروحه (5) فإن بعض العلماء منعوا من السجود وقت النهي مخافة التشبه بالنصارى الذين يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها، فمنع من الصلاة في هذه الأوقات؛ مخافة اعتقاد أن السجود لأجل الشمس، وأجاز آخرون سجود التلاوة وقت النهي ولو كان عندهم صلاة، وجعلوه من ذوات الأسباب، كركعتي الطواف وتحية المسجد وإعادة الصلاة.
ولعل الصواب أنه يجوز في الوقت الموسع دون المضيق، وهو عندما تنتصف الشمس للغروب وعند طلوعها حتى ترتفع قيد رمح.
======
(1) الاختيارات / 60.
(2) متفق عليه، البخاري (586) ومسلم (827).
(3) 1/ 206.
(4) زاد المستقنع مطبوع مع الروض المربع / 93.
(5) الشرح الكبير 1/ 209، الإنصاف 1/ 209، المبدع 2/ 27.
¥