تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن بطال رحمه الله «وانما يصح معناه وتوافق ليلة القدر وتزامن الليالي على ما ذُكر في الحديث اذا كان الشهر ناقصا، فأما ان كان كاملا فإنها لا تكون الا في شفع فتكون التاسعة الباقية ليلة اثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة ست وعشرين، والسابعة الباقية ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخاري عن ابن عباس، فلا تصادف واحدة منهن وترا، وهذا يدل على انتقال ليلة القدر كل سنة في العشر الأواخر من وتر إلى شفع، ومن شفع إلى وتر، لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بالتماسها في شهر كامل دون ناقص، بل أطلق على طلبها في جميع شهور رمضان التي قد رتبها الله مرة على التمام، ومرة على النقصان، فثبت انتقالها في العشر الأواخر كلها على ما قال أبو قلابة»، شرح صحيح البخاري «4/ 156».

فينبغي على متحري ليلة القدر أن يقوم العشر كلها، لأنه لا سبيل لمعرفة هل الشهر كاملا أو ناقصا حتى يقال مع النقص يتوافق الوتر باعتبار ما مضى وما بقي إلا بانتهاء الشهر ليلة العيد، وحينئذ تكون قد انتهت والله أعلم.

وأما ما رواه عبدالرزاق في المصنف باسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر، قال ابن عباس رضي الله عنهما: فقلت لعمر رضي الله عنه: إني لأعلم أو أظن أي ليلة هي؟ قال عمر رضي الله عنه: أي ليلة هي؟ فقلت: سابعة تمضى أو سابعة تبقى من العشر الأواخر، فقال: من أين علمت ذلك؟ قلت: خلق الله سبع سموات، وسبعة أراضين، وسبعة أيام، والدهر يدور في سبع، والإنسان خلق من سبع، ويأكل من سبع، ويسجد على سبع، والطواف والجمار وأشياء ذكرها، فقال عمر رضي الله عنه: لقد فطنت لأمر ما فطنا له.

فقد قال أبو محمد ابن عطية الأندلسي رحمه الله: «هذا من ملح التفسير وليس من متعين العلم»، طرح التثريب «4/ 155».

وقال البيهقي رحمه الله «هذا استدلال وليس بيقين»، فضائل الأوقات ص244.

46 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال: إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها أو قال: نسيتها – فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر، وإني رأيت أني أسبح في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع! فرجعنا وما نرى في السماء قزعة، فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين في جبهته»، متفق عليه، واللفظ للبخاري.

رؤيا الأنبياء حق من الله، والرؤيا ليس فيها إثبات حكم شرعي جديد لأن الدين كمل ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا»، ولقوله صلى الله الله عليه وسلم: «الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة»، فقال «النبوة» ولم يقل «الرسالة» أي مستندة لما في الشرع الموجود، قال ابن الحافظ العراقي رحمه الله في شأن رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ليلة القدر: «هو استدلال على أمر وجودي لزمه استحباب شرعي مخصوص بالتأكيد بالنسبة إلى هذه الليالي»، طرح التثريب «4/ 159».

وفي هذا الحديث تأكيد لما سبق ذكره من أن ليلة القدر في العشر الأخيرة من رمضان.

47 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت- أي ليلة ليلة القدر – ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني»، رواه الإمام أحمد وابن ماجة والنسائي والترمذي وصححه.

فهذا الحديث فيه بيان حرص عائشة رضي الله عنها على العلم، وعلى تحريها للخير، وفيه بيان أن الدعاء ليلة القدر مظنة الإجابة.

وفيه دليل على أن العبد يتوسل في دعائه بأسماء الله الحسنى التي تناسب ما دعا به، حتى لا يحصل تنافر بين حاجته واسم الله الذي استعمله الذي لا يقتضي مطلوبه، قال ابن القيم رحمه الله: «إن من دعاء الله بأسمائه الحسنى أن يسأل في كل مطلوب، ويتوسل إليه بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله، حتى إن الداعي متشفع إلى الله متوسل إليه به، فإذا قال: «رب أغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور»، فقد سأله أمرين، وتوسل إليه باسمين من أسمائه مقتضيين لحصول مطلوبه، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها، وقد سألته ما تدعو به إن وافقت ليلة القدر؟ قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني»، بدائع الفوائد «2/ 615».

والحمد لله رب العالمين

ـ[أبا قتيبة]ــــــــ[05 - 09 - 08, 03:30 ص]ـ

............

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير