تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

– بهذا الحديث – قال: فأتي بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعاً وقال فيه: (كله أنت وأهل بيتك وصم يوماً واستغفر الله) (1) وصححه الألباني – رحمه الله – تعالى وقال ابن ماجة – رحمه الله –: حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا عبدالله بن وهب قال حدثنا عبدالجبار بن عمر قال حدثني يحي بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله ? - الحديث – وفيه: (وصم يوماً مكانه) (2) وقيل: لا يقضي واستدلوا على ذلك بأن الثالث في الصحيحين من حديث أبي هريرة إنما هو الكفارة فقط وليس فيها الأمر بالقضاء، وإنما ورد القضاء في زيادات ضعيفة وما سلم منها فهو شاذ لمخالفته لرواية الثقات، اختار هذا القول أبو العباس بن تيمية – رحمه الله –: فإنه قال: وقد ثبت هذا الحديث من غير وجه في الصحيحين من حديث أبي هريرة ومن حديث عائشة ولم يذكر أحد أمره بالقضاء ولو كان أمره بذلك لما أهمله هؤلاء كلهم وهو حكم شرعي يجب بيانه ولما لم يأمر به دل على أن القضاء لم يبق مقبولاً منه وهذا يدل على أنه كان متعمداً للفطر لم يكن ناسياً ولا جاهلاً إهـ كلامه.

قلت: أما سند ابن ماجة ففيه عبدالجبار بن عمر وهو ضعيف الحديث فقد ضعفه يحيى بن معين والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي والدارقطني وغيرهم، أفاده البوصيري في الزوائد، فهذه الزيادة (وصم يوماً مكانه) زيادة ضعيفة وقد تقرر في القواعد أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى والله ربنا أعلى وأعلم.

ومن المسائل أيضاً: هل على المرأة كفارة كما على الرجل أم لا؟ أقول: هذا من مواطن الإشكال عندي وذلك لأنه يتجاذبه عدة أصول:

الأول: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز والنبي ? إنما ذكر الكفارة على الزوج مع علمه أن المرأة وقع عليها ذلك لأن الأعرابي قال: (وقعت على أهلي) (1) فبين النبي ? ما يجب عليه من الكفارة وسكت عن المرأة فسكوته هذا يدل على أنه لا كفارة عليها إذا لو كان يجب عليها كفارة لبين ذلك فلما لم يبين ذلك مع أنه وقت الحاجة علمنا أن ذمتها بريئة من الكفارة لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فهذا الأصل يفيد أنه لا كفارة عليها،

الثاني: كل حكم ثبت في حق الرجال فهو ثابت في حق النساء إلا بدليل والعكس بالعكس، وهذه الكفارة ثبتت في حق الرجل فكان مقتضى هذه القاعدة أن تثبت أيضاً في حق الزوجة، وهذا الأصل يقضي أن عليها الكفارة كما على الرجل سواءاً بسواء،

الثالث: الشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفين وقد تقرر لنا سابقاً أن العلة في وجوب الكفارة هي الوطء في نهار رمضان، فالكفارة وجبت على الزوج لأنه جامع في نهار رمضان، والمرأة تتحقق فيها هذه العلة فإنه أيضاً قد حصل منها الجماع في نهار رمضان، ومع اتفاق العلة فلا بد من الإلحاق، فهي إذا مثله في العلة والشريعة لا تفرق بين متماثلين وهذا الأصل يقضي بأن عليها الكفارة كما هي على الرجل، الرابع: الأخذ بالأحوط فإن هذا الأصل أيضاً يقضي بأن عليها الكفارة ذلك لأنه إن كفرت فإنه لا أحد ينكر عليها فإن كانت في علم أنه واجبة عليها فقد كانت به وإلا فهي من جملة الصدقات المستحبة التي تثاب عليها، لكن لولم تكفر لأنكر عليها القائلون بوجوب الكفارة عليها وقد تقرر أن فعل ما اتفق عليه العلماء أولى من فعل ما انفرد به أحدهما ما أمكن. الخامس: أنه قد تقرر في الضوابط أن الأصل عدم الكفارة إلا بدليل لأن الأصل براءة الذمة، فمن عمر الذمة بالكفارة فليأت بالدليل، وقد عمرنا ذمة الرجل بالكفارة بالدليل، ولكن أني الدليل الذي يعمر ذمة المرأة بالكفارة فحيث فالأصل عدم الكفارة كما تقرر لنا في هذا الضابط. وهذا القول رواية في مذهب الإمام أحمد، والرواية الثانية وهي المشهورة في المذهب أن عليها الكفارة إن كانت عامدة عالمة مطاوعة، وهو مذهب الجمهور، والأقرب عندي والله تعالى أعلى وأعلم أن عليها الكفارة إن كانت مطاوعة عالمة عامدة، وذلك للاتفاق في العلة أعني لأنها هتكت حرمة رمضان بالجماع مطاوعة، فهي كالرجل، ولأن سكوته ? عن إيجاب الكفارة عليها ترد عليه احتمالات كثيرة، منها: أنه لم تسأل ولم تعترف هي، ومنها: أنها لم تكن صائمة لعذر من الأعذار، ومنها: أن النبي ? اكتفى ببيان الحكم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير