تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للرجل لعلمه اشتراك المرأة معه في الحكم، فالتنصيص على الحكم في بعض المكلفين كافً في ذكره في حق الباقين، وقد تقرر في القواعد أن حكمه ? لواحد حكم للأمة مالم يرد دليل التخصيص وما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل ومنها: يتحمل أن يكون سبب السكوت عن حكم المرأة ما عرفه من كلام زوجها بأنه لا قدرة لها على شيء وأنه كانت مكرهة، ويدل لهذا ما روي في بعض طرق هذا الحديث أن الرجل قال: (هلكت وأهلكت) (1) لكنها زيادة ضعيفة فهذه الاحتمالات تحوم حول سكوته ? عن بيان حكم المرأة فلا يستدل به لأنه قد تقرر في الأصول أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، ويبقى عندنا الاشتراك في الحكم بين الرجال والنساء سليماً من المعارضة، ولأن هذا القول هو الأحوط والله ربنا أعلى وأعلم.

ومن المسائل أيضاً: ما الحكم إذا تكرر الجماع فهل تتكرر الكفارات أم لا؟ أقول: هذا فيه تفصيل: إما أن يكرره في يوم واحد وإما أن يكرره في أيام متعددة، فإن كرره في يوم واحد مرتين أو أكثر فلا يخلو إما أن يكفر عن الجماع الأول وإما لا، فإن لم يكفر عن الجماع الأول فإنه يجزئ عن الجميع كفارة واحدة وذلك لأنه قد تقرر في القواعد أن من كرر محظوراً من جنس واحد وموجبه واحد. قال ابن قدامة والشارح: بعير خلاف. وأما إذا جامع ثم كفر ثم جامع مرة أخرى فهل يلزمه للجماع الثاني كفارة جديدة أقول: هذا فيه خلاف العلماء فقيل: نعم لأنه استحلال لحرمة رمضان بلا مسوغ شرعي وتكفيره الأول لا يحل هذا اليوم له بل يلزمه الإمساك فإذا جامع ثانياً فإنه يكون قد وطئ في نهار رمضان مع لزوم الإمساك عليه فتلزمه كفارة ثانية وهذا هو المشهور من المذهب، ونص عليه الإمام أحمد في رواية ابنه حنبل والرواية الثانية لا كفارة عليه عن الجماع الثاني وهو قول الجمهور، وقال الوزير: أجمعوا أنه إذا وطئ وكفر ثم عاد فوطئ ثانياً في يومه ذلك أنه لا يجب عليه كفارة ثانية. إهـ قلت: وهذا القول هو الأسعد بالدليل إن شاء الله تعالى وذلك لأن الكفارة الأولى وجبت لانتهاك حرمة الصوم الصحيح بالجماع وأما الجماع الثاني فإنه لم يصادف صوماً صحيحاً حتى يفسده وتلزم بإفساده كفارة، وإنما عليه الإثم لأنه يلزمه الإمساك لكنه إمساك لا يجزئ عن صوم فهو شرعاً ليس بصائم فلو كرر الجماع ثانياً فإنه لا يصادف صوماً صحيحاً وإنما يوافق صوماً فاسداً فلا يترتب عليه إلا الإثم فقط لإخلاله بوجوب الإمساك والله أعلم. وإما إذا تكرر الجماع في يومين مختلفين أو أكثر فإنه يلزم لكل كفارة لأن كل يوم عبادة مستقلة له حرمة جديدة غير حرمة اليوم الذي قبله، بدليل أن فساد بعضها لا يسري إلا عامتها كلا صلاة، بل كل يوم له حكمه، وهو مذهب الجمهور من الحنابلة والمالكية والشافعية، فلو جامع في يومين لزمه كفارتان، ولو جامع في عشرة أيام لزمه عشر كفارات وهكذا فاللهم إنا نعوذ بك من كل سوء وبلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وهو أعلى وأعلم.

فإن قلت: ما الحكم لو جامع عشرين مرة في عشرين يوماً ولم يخرج كفارة عن الأيام الأولى فهل يجزئ عن الجميع كفارة واحدة أم يلزم كل يوم كفارة فأقول: أيها الأخ الحبيب نصيحتي لك إذا دخل عليك الشهر أن تعتزل امرأتك اعتزالاً كلياً فلا ترك ولا تراها، فإنك وبال عليها وهي وبالاً عليك، فاذهب بها إلى بيت أهلها واجلس أنت في بيت أهلك وإياك ثم إياك أن يحصل بينكما اتصال إلا في ليلة الصيام والسلام ثم أقول: عليك عشرون كفارة لأنك أفسدت عشرين يوماً كل يوم هو في نفسه عبادة مستقلة عن اليوم الذي قبله واليوم الذي بعده، حتى وإن لم تخرج كفارات الأيام الأولى، ولذلك فأقول: اعتق عشرين رقبة، فإن لم تستطع فصم ألفاً وعشرين يوماً أي لكل يوم شهرين متتابعين، ولا يلزم اتصال كفارات الأيام إذا كنت ستكفر بالصيام، فصم شهرين متتابعين عن اليوم الأول، ثم إن شئت أن تصلها بكفارة اليوم الثاني فلك ذلك وإن شئت أن تفصل فلك ذلك، فإن لم تستطع فأطعم ستين مسكيناً عن كل يوم أفسدته، فكأني بك تقول: ما هذا؟ فأقول: نعم هو كذا وإلا فأمسك نفسك واحفظ صومك عن ما يفسده عصمنا الله وإياك من الزلل وهو أعلى وأعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير