تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عسى الله أن ينفعنا وإياك بها آمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ـ[أبو البراء القصيمي]ــــــــ[01 - 09 - 08, 02:48 م]ـ

الضابط السادس

من استحل حرمة رمضان بلا مسوغ شرعي لزمه إمساك بقية اليوم

هذا هو القول الفاصل إن شاء الله تعالى بين من يلزمه الإمساك مع فساد الصوم ومن لا يلزمه ذلك، فأقول وبالله التوفيق:-

إعلم أن من أفطر في رمضان بأي مفطر من المفطرات السالفة الذكر أكلاً أو شرباً أو حجامة أو جماعاً ونحوها فلا يخلو من حالتين: إما أن يكون ذلك بالمسوغ الشرعي أي للعذر المعتبر شرعاً وإما لا، فإن كان استحل حرمة رمضان بالعذر المعتبر فهذا إذا زال عذره ذلك فإنه يبقى على فطره ولا يلزمه الإمساك ذلك لأن حرمة هذا اليوم في حقه زالت لأنه استحلها بالعذر الشرعي ومن فعل ما يجوز له شرعاً فإنه لا ضمان الشرعي ذلك لأن الجواز الشرعي ينافي الضمان، ولأن لزوم الإمساك مرة أخرى حكم شرعي يحتاج إلى دليل، لأن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة، ولا يقال يلزمه الإمساك لحرمة الوقت، لأن الحرمة في حق ذلك الشخص المعين قد زالت بالمسوغ الشرعي وبقاء حرمة الزمن في حق غيره لا تتعدى إليه، ولأن القول بالإمساك مع ذهاب حرمة الزمن في حقه وفساد صومه لا فائدة فيه، إذ لا مصلحة يجتنى منه شرعا وما لا مصلحة فيه فإن الشريعة لا تأمر به ولا تأتي به، ولا يقاس من ذهبت حرمة اليوم في حقه بالمسوغ الشرعي على من استحلها بلا مسوغ شرعي فإن هذا معاند ومتجانف ومستحق للعقوبة وحرمة الوقت باقية في حقه لم تنزل، وأما الآخر فإنه فاعل لما يجوز له شرعاً مستحل للحرمة بالمسوغ المعتبر شرعاً غير متجانف للإثم ولا بمعاند ولا منتهك لحرمة الزمن فأين هذا من هذا، فقياس أحدهما على الآخر من أفسد القياس كما قال تعالى: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون) وقال (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) وأين بالله عليك العلة التي بها يلحق الفرع بالأصل في القياس هذا فاسد لا عبرة به، فالقول الصحيح إن شاء الله تعالى أن من استحل حرمة رمضان بالعذر المعتبر شرعاً فإنه لا يلزمه إمساك بقية اليوم، وروي عن ابن مسعود أنه قال: من أفطر أول النهار أي بالمسوغ الشرعي فليفطر آخره. فهذا فيمن استحل حرمة الشهر بالمسوغ الشرعي، وأما من استحلها بلا مسوغ شرعي وإنما هو الهوى وشهوة النفس وتسويل الشيطان فإنه آثم وصومه فاسد ومع ذلك فإنه يلزمه الإمساك ولا يحل له الاستمرار في الفطر، ذلك لأن حرمة اليوم لا زالت قائمة في حقه فإنه انعقدت بالدليل فلا تحل إلا بدليل، وإن استحلالها بلا عذر معتبر شرعاً من الاستخفاف بها وعدم تعظيمها وهذا مناف لتقوى القلوب وقال تعالى: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنه من تقوى القلوب) وقال تعالى: (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) فنعوذ بالله من الاستخفاف بشعائره جل وعلا وحرماته وتعدي حدوده، فهذا المستحل لحرمة اليوم بلا عذر لا حق له في هذا الاستحلال وإنما هو تعد منه وتجاوز لم أمر به وارتكاب وتقحم لما نهي عنه فليزمه حينئذ الإمساك بقية اليوم، مع الإثم، وهل يقضي أو لا يقضي؟ هذه مسألة أخرى وقد تقرر عندنا أن العامد فإفساد الصوم بلا عذر موجب لذلك أنه لا يقضي لأن العبادة المؤقتة بوقت تفوت بفوات وقتها إلا من عذر، وتقدم ذلك. والمقصود: هو التفريق بين من أفطر بالمسوغ الشرعي فلا يلزمه إمساك بقية اليوم، وإليك الفروع المندرجة تحت هذا الضابط فأقول:

منها: إذا طهرت الحائض أثناء النهار فإنه من المعلوم المتقرر أن الحائض لا تصوم وهذه رأت الطهر في نهار الصيام فهل يلزمها إمساك بقية اليوم أم لا؟ أقول: المشهور من المذهب أنه يلزمها الإمساك بقية اليوم لحرمة الزمن، ولكن الراجح إن شاء الله تعالى أنه لا يلزمها ذلك الإمساك لأنه قد أفطرت أول اليوم بالمسوغ الشرعي فلا يلزمها إمساك بقية اليوم، وحرمة الزمن باقية في حق غيرها أما هي فلا حرمة لهذا اليوم في حقها لزوال الحرمة بالفطر الذي اقتضاه العذر المعتني شرعاً والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير