تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي لفظ آخر عن عمرَ- رضي الله عنه - لا تَعَلّموَا رَطَانَةَ الأعاجمِ، ولا تدخلوَا على المشركين في كنائسهم يوَم عيدهم فإن السخطة تنزلُ عليهم.

وقالَ الإِمامُ مالك فيما رواه ابنُ القاسم في) المُدونة (: لا يُحرِمُ بالأعِجمية، ولا يدعو بها، وَلا يحلف.

وقال: نهى عمر-رض الله عنه- عن رطانةِ الأعاجم.

وسئلَ الإِمام احمد عن الدعاءِ في الصلاة بالفارسية فكرهه، وقال: لِسَانُ سوَء. ومذهبهُ أنَ ذلكَ يُبْطِلُ الصلاة.

وَكَرِهَ الإِمامُ الشافعي لمن يعرف العربيةَ أن يسمي بغيرها، أو أن يتكلم بها خالطاً بالعجمية وهو ظاهرُ كلامِهِ فيما حكاه عنه ابن عبدِ الحكم.

وقد روى السَلَفِيًّ بإسناده عن نافع عن ابن عِمر قال: قال رسوَل الله -) -:) مَنْ يحسن أنِ يتكلمَ بالعربيةِ فلا يتكلم بالعجمية فإنَّه يُورثُ النِّفاق (.

ورواه أيضا بإسناد آخر عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال رسوَل الله -) -:) مَنْ كان يحسن أن يتكلم بالعربية فلا يتكلم بالفارسية فإنَها تورث النِّفاق (.

"حديث صحيح على شرط الشيخين، ورجاله كلهم ثقات (.

وهذان الحديثان يقتضيان ِتحريم الكلام بالعجمية لقادر على العربية إلا لحاجةٍ. والمختارُ أن ذلكَ مكروه.

قَالَ ابنُ تيمية: ونقل عن طائفةٍ أنَّهم كانوا يتكلموَن بالكلمة بعد الكلمة من العجمية، والكلمة بعد الكلمة من العجمية أمرها قريب، وأكثر ما كانوا يفعلوَن ذلك إمَّا لكون المخاطب أعجمياً.

قال: وأمَّا اعتيادُ الخِطاب بغَير اللغةِ العربيةِ التي هي شِعَارُ الإِسلام، ولغَةُ القُرْآنِ حتى يصير ذلك عادَة للمَصر وأهله، أو لأهل الدَّار، أو للرجَل مع صاحبه، أو لأهل السُوَق، أو للأمراء، أو لأهل الديوان، أو لأهل الفقه. فلا ريبَ أن هذا مكروهٌ، فإنه من التَشبهِ بالأعاجم. وهوَ مكروه لا سِيمَا واللِّسانُ العَرَبي شعار الإِسلامِ وأهِلهِ، واللَّغَاتُ من أعظمِ شعائِرِ الأمَمِ التي بها يَتَمَيزُونَ.

قال الحنفيةُ في تعليل المنع من لباسِ الحرير في حجة أبي يوَسف ومحمد على أبي حنيفة في المنع من افتراش الحريرِ وتعليقه والستر به لأنَّه من زَي ألاكاسرة والجَبَابِرَةِِ، والتشبهِ بهم حَرَامَ.

قال عمر: إيَّاكم وَزِيَّ الأعاجم.

وقال الشيخ عبدُ القَادرِ الجِيلي -قدسَ الله سِرَّهُ -: ويُكْرَه ما خالف زي العرب، وأشبه زي الأعاجم.

وقال: وإذا قُدَّم ما تغسل فيه الأيدي فلا يرفع حتى تغسل الجماعة أيديها لأن الرفع من زي الأعاجم.

لا سيّما وقد ورد أنَ كلامَ أهل الجنة بالعربية، لقوَله -عليه السلام -:) أنا عربي، والقرآن عربي، ولسان أهل الجنةِ عربي (.

بل ورد أنه لم ينزل وحي على نبي من الأنبياء إلا بالعربيةِ لقوَله -) -:) والذي نفسي بيده ما أنزل الله -عز وجل - وحياً قَطُّ على نبيٍ من الأنبياء إلا بالعربية، ثم يكون بعد ذلك النبي يبلغ قوَمه بلسانهم (. رواه الطبرانيُّ في) المعجم الأوسط (وقالَ: حسن صحيح، ورجالُهُ ثقات. إهـ

خاتمة

روى البخاريُّ في) صحيحهِ (عن أبي هريرةِ -رض الله عنه - عن النبي -) -قالَ:) لا تَقُوَمُ السَّاعَةُ حَتَى تَأخذ أمَّتِي ما أخذ القرون، شبرًا بشبرٍ، وَذِرَاعاً بذراع.

فقيل: يا رسولَ الله كفارِسَ والرُّوم? قال: ومَنْ النَاسُ إلا أولئِكَ (.

قال ابنُ تيمية: وقد رأينا اليهوَدَ والنَصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفراً من غيرهم، كما رأينا المسلمينَ الذينَ اكثروا معاشرةِ اليهود والنصارى هم اقلّ إيمانا من غيرهم. والمشابهة و المشاكلة في الأمور الظاهرةِ توَجب مشابهة و مشاكلة في الأمور الباطنة على وجه المسارقة والتدريج الخفي، فينشا عنها الأخلاق والأفعال المذمومة، بل في نفس الاعتقادات، وتأثير ذلك لا يظهر ولا ينضبط وقد يتعسر أو يتعذر زواله بعد حصوَله.

وقد روى الإِمام أحمد في) المسند (عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنَهُ قال: عليكم بالمَعدَيَّةِ، وذروا التنعُمَ، وزيّ العَجَم.

فالمَعَدِّية نسبة إلى مَعَدَ.، و المقصود زِيُّ مَعَذَ بن عَدْنَان وهم العرب.

وَقال الإِمام مالك - فيما رواه ابن القاسم في) المُدوِّنَة (-:) قيام المرأة لزوجها حتى يجلس من فعل الجبابرةِ. وربما يكون النَاس ينتظرونه. فإذا طلع قاموَا، في هذا من فعل الإِسلام وهوَ مما ينهى عنه مِنَ التَشبُهِ بالأعاجم.

قال: ويكره ترك العمل يوم الجمعة كفعل أهل الكتاب في السَّبْت والأحَد.

قيل له: فالرجل يقوم للرجل له الفضل والفقه? قال: أكرهُ ذلكَ، ولا باسَ أنْ يوَسع له في المجلس.

وقال أنس -رض الله عنه-: لم يكن شخص أحب إلى الصحابة من رسوَل الله -) - وكانوَا إذا رأوه لم يقوَموا له لما يعلموه من كراهيته لذلك.

وقد ثبتَ في الصحيح من حديث جابر: أنَّه -) - صلّى بأصحابه قاعداً لمرضٍ كَان بِهِ، فَصلوَا خلفه قياماً، فأمرهم بالجلوس وقالَ:) لا تعظموَني كما يعظم الأعاجم بعضُهم بعضاً (.

وقال:) من سرَّهُ أنْ يتمثلَ له الرَّجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار (.

قال ابنُ تيمية: فإذا كان - عليه السلام - قد نهاهم مع قعوَده وإنْ كانوا قاموَا في الصًلاة حتى لا يتشبهوَا بمن يقوَموَن لعظمائهم، وبينَ أنَّ مَنْ سرًّهُ القيام له كان مِنْ أهل النَّارِ، فكيف بما فيه من السجود له أو وضع الرأس وتقبيل الأيدي ونحو ذلك?! وبالجملةِ فقد دَخَلَ في هذهِ الأمَّةِ مِنَ الأثارِ الروميةِ والفارسية قولاً وعملاً وتشبهاً مما لا خفاء به على مؤمن عليم بدينِ الإسلام، وليسَ الغَرَضُ هنا تفصيل الأموَر التي وقعتْ في الأمَّةِ من ذلكَ. وإنما الغرضُ مجَرد التَلوَيح رجاء أنْ يقفَ عليه مؤمنٌ موَفق فينتفع بِهِ، ولمجمل بموَجبِهِ.

وفي الحديثِ:) ما ابتدعَ قَومٌ بِدْعَةً إلا نَزَعَ الله عنهم مِنَ السُّنَّةِ مثلها (.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير