أمَّا حكم من سمع الخبر من الإذاعة ولم يَلتفت إليه بل أصبح مفطراً فهذا يُعذر؛ لخفاء مثل ذلك عليه، و لعدم استقرار الفتوى في ذلك.
أما الذي لم يَبلغه الخبر إلاّ بعد طلوع الشمس و هو لم يأكل ولم يشرب فإنَّه يُمسك حال وصول الخبر إليه، و يَقضي هذا اليوم، و الله أعلم و صلّى الله على نبيِّنا محمد و آله و صحبه و سلّم.
(7) ثبوت رؤية الهلال بشهادة عدلين و لا عبرة بكبر الأهلة، و صغرها، و لا بضعف المنازل: (ص172 - 173)
قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ في إحدى مكاتباته:
فقد وصل إلينا كتابك الذي تستفتي به عن قضاء صيام يوم الجمعة الموافق غُرَّة شوال، و ذكرتَ أنَّ بعض الناس قال: يجب قضاؤه؛ لأنَّ الهلال لم يُر ليلة السبت إلى آخر ما ذكرته.
و الجواب: لا يجب قضاؤه ذلك اليوم، بل و لا يجوز؛ لأنَّه قد ثبت ثبوتاً شرعياً أنَّه يوم العيد، و ذلك بشهادة رجلين عدلين عند قاضٍ من قضاة المسلمين، و عَمل الناس بذلك في جميع أقطار المملكة و غيرها، و قد ثبت عن النبيِّ - صلّى الله عليه و سلّم - فيما أخرجه أبودود و الترمذي عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّه قال: " الصوم يوم تصومون، و الفطر يوم تفطرون، و الأضحى يوم تضحون ".
و أمَّا ما ز عمه بعض الناس من صِغر الهلال، و كونه لم يُر ليلة السبت؛ فقد قال الإمام النووي في " شرح صحيح مسلم " (باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال و صغره، و أن الله أمده للرؤية، فإن غم فليكمل ثلاثين)، وقال أبو وائل شقيق بن سلمة: أتانا كتاب عمر بن الخطاب أنَّ الأهلَّة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهاراً فلا تُفطروا حتّى يشهد رجلان مسلمان أنّهما رأياه بالأمس، و ثبت عن النبيِّ - صلّى الله عليه و سلّم - أنَّه قال: " صوموا لرؤيته، و أفطروا لرؤيته و انسكوا لها، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا و أفطروا " [رواه النسائي و أحمد]، و في معنى هذا جملةُ أحاديثٍ تُبيِّن أنَّه لا اعتبار للحساب و لا لضُعف منازل القمر، و لكِبر الأهلة و صِغرها، و إنَّما الاعتبار الشرعي بالرؤية الشرعية.
و إذا عُرف هذا فمعلوم أنَّ الناس صاموا رمضان ليلة الخميس بعد ثبوت الرؤية شرعاً بشهادة رجلين عدلين، و لما صاموا تسعاً و عشرين يوماً و ثبتت رؤية هلال شوال شرعاً ليلة الجمعة بشهادة رجلين عدلين لزم الناس الفطر بهذا. فمن تجاوز ما ثبت شرعاً فهو عاص آثم أو صاحب شكوك و وساوس، و كلاهما قد جانب الصواب، و الله الموفق يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
(8) هل يجوز للنساء تعاطي الحبوب لمنع الحيض لأجل الصيام؟ (ص176 - 177)
قال سماحة الشيخ ـ رحمه المولى ـ:
الأصل في هذا الجواز، و لا نعلم دليلا يخالف هذا الأصل، و كون المرأة تصلي و الحيض محتبس بسبب تعاطي الحبوب لا أثر له في صحة العبادة؛ فإن أحكامه لا تثبت إلا بعد ثبوت خروجه على حسب ما جرت به العادة، و تركه على سبيل الاحتياط إذا لم تدع إلأيه ضرورة.
هذا إذا لم يكن له تأثير على منع الحمل بسبب امتناع الحيض مطلقا، فإن كان فلابد من إذن الزوج.
(9) إفطار رمضان لأجل المرض: (ص181)
سؤال: إذا قرَّر الأطباء أنَّ صيام رمضان ممَّا يُضاعف بعض الأمراض مثل مرض الصدر أو يؤخر البرء أو يزيد المرض ونهوا المريض عن الصيام لهذه الأسباب؟
فأجاب صاحب السماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ بما يلي:
المنصوص أنَّ الفِطر في مثل هذه الحالة جائزٌ إذا كان الأطباء ثِقات غير مُتَّهمين، و تقريرهم عن علمٍ و خبرةٍ، و بعض العلماء يشترط إسلام الطبيب المقرِّر، و بعضهم لا يشترطه.
(10) فتوى مشابهة: (ص183 - 184)
قال الشيخ محمد ـ رحمه الله رحمةً واسعةً ـ:
وردنا سؤال من المريض ( ... ) المصاب بدرنٍٍ رئويٍّ، و معه شهادة من الطبيب المختص ينصحه بعدم الصيام خمس سنوات متتاليات، و يسألنا عن الحكم في ذلك؟
و الجواب: الحمد لله، قبول قول الطبيب المسلم الثقة في هذه الأمور سائغٌ، يجوز تأخير الصيام في المدة المذكورة عملاً بقوله.
¥