تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأمّا الأدلّة الدّالة على ذلك بالنسبة لأقارب الأنبياء السابقين، فالقرآن مليء بذكر قصصهم، ولا تخفى على كل من تلا كتاب الله، وتدبّر معانيه.

فأمّا آزر أبو إبراهيم، فقال الله عزّ وجلّ في حقّه:} وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إنّي أراك وقومك في ضلال مبين {{الأعراف آية74}، وقال تعالى:} وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إيّاه فلمّا تبين له أنه عدو لله تبرّأ منه إنّ إبراهيم لأوّاه حليم {{التوبة آية114}.

وأمّا امرأة نوح وامرأة لوط. فقال عزّ من قائل:} ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل اُدخلا النار مع الداخلين {{التحريم آية10} (7).

وأمّا ابن نوح فقال سبحانه:} ونادى نوح ربّه فقال ربّ إنّ ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين¨قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين {{هود آية45،46}.

وأما والدا نبينا ×، فعن أنسس «أن رجلاً قال: يا رسول الله، أين أبي؟ قال: في النار، فلما قفى دعاه، فقال: إنّ أبي وأباك في النار» (8).

وعن أبي هريرةس قال: قال رسول الله ×: «استأذنت ربّي أن أستغفر لأمّي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي» (9).

وبهذا العرض الموجز، نعلم جميعاً شيئا من قدر هذه النعمة، التي أكرمنا الله بها، إذ جعلنا الله تبارك وتعالى، وآباءنا، وأمهاتنا، وإخواننا، وأخواتنا، وأزواجنا، وذرّياتنا مسلمين، قال الصدّيق يوسف ÷ كما أخبر تعالى عنه:} واتبعت ملّة ءابآءي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون {{يوسف آية38} (10).

فاللهم لك الحمد عدد خلقك، ورضا نفسك، وزنة عرشك، ومداد كلماتك، و اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

انتهت الحلقة الأولى وسيعقبها الحلقة الثانية بمشيئة الله تعالى

وكتب أخوكم:

أبو وائل غُندر (حسّان بن حسين بن محمّد آل شعبان)

عفا الله عنه وعن والديه وعن جميع إخوانه المسلمين

(1) من الطرق التي قد توقف المرء على حقيقة الإسلام، وعظمته في النفوس ممّا لم نذكره فيما سيأتي، هو سؤال من اعتنق هذا الدين العظيم من المسلمين الجُدد عن المعاني التي يجدها أحدهم في نفسه لهذه الهبة الإلهية والمكرمة الرّبانية التي يمنّ الله بها على من يشاء من البريّة.

(2) أخرجه البخاري برقم (6476).

(3) أخرجه مسلم برقم (118).

(4) ومن هذه الأدلّة الظاهرة، والبراهين القاطعة على ذلك أيضا، وهي بمثابة الشوكة في حلق هذه الطائفة الملحدة، هذه «الروح» التي بين جنبينا، والتي لا يختلف العقلاء: أنّها متى ما قامت بالبدن وصف بالحياة، ومتى ما فارقته وصف بالموت، ومع ذلك لا تُدرك بالحسّ، فالحمد لله على نعمة العقل، والحمد لله على نعمة الإسلام.

(5) صححه ابن حبان ـ الإحسان (14/ 102/6218)، والحاكم (1/ 180/1936)، وصحح إسناده الحافظ في الفتح (11/ 248) في كتاب الدّعوات باب: فضل التسبيح، والحديث فيه كلام، إلا أن محلّ الشاهد منه وهو قوله «لو أن السماوات السبع ... الخ» صحّ من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا حكاية من كلام نوح ÷ لابنه أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (548) وصححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح الأدب المفرد برقم

(426)، وفي الصحيحة (1/ 210/134).

(نكتة لطيفة): ما ذكره بعض أهل العلم ـ رحمهم الله تعالى ـ أنّ هذا الحديث يستفاد منه أنّ الأنبياء يحتاجون إلى التنبيه على فضل «لا إله إلا الله»، فيه شيء في نظري، إذ هم أعلم الناس بمدلول كلمة التوحيد، وأكمل الناس تحقيقا لمقتضاها، كيف لا وهم أول من شاهد التنزيل، وعايش الوحي، فهذا موسى ÷ أحد أولي العزم من الرّسل، كلّمه الله تكليما، وتجلّى سبحانه للجبل إجابة لسؤاله، وكتب له التوراة بيده، أرسله الله إلى أطغى أهل الأرض، أيعقل أن يغفل بعد ذلك عن هذا المبدأ، وهذا القانون الذي أصبح مختلطا بدمه ولحمه وعظمه، ولكن الأولى أن يقال في توجيه ذلك ـ والعلم عند الله ـ:

أن قلب الإنسان قد يتعلّق بشيء، فيُعرض عليه ما هو أهمّ منه، فيغفل عنه لا لشيء إلا لذلك التعلّق، وهذا ما حصل لموسى ÷، فإنه طلب شيئا يختصُّ به دون سائر الناس، كما في بعض الروايات أنه قال: «إنما أردت شيئا تخصّني به» حلية الأولياء (8/ 328)، يستدِلُّ به موسى على مكانته ومنزلته عند الله، فغفل عن عِظم ما عُرض عليه، وكيف لا يذهل وهو يؤمِّل بتلك المكانة، والخصوصيّة عند ملك الملوك سبحانه. والله أعلم

(6) كتاب الجهاد والسير، باب: لا يعذب بعذاب الله برقم (3017)، وهو عنده أيضا برقم (6922).

(7) والمتزوج فقط هو الذي يدرك مدى تلك العلاقة التي تكون بين الرجل وامرأته، ومع ذلك لم تشفع هذه القرابة

لهاتين المرأتين لأن تحظيا بنعمة الإسلام، فالحمد الله على ما أكرم وأنعم.

(8) «صحيح مسلم» كتاب الإيمان، باب: بيان أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تناله الشفاعة ولا تنفعه قرابة

المقربين، برقم: (203).

(9) «صحيح مسلم» كتاب الجنائز، باب: استئذان النبي × ربّه في زيارة قبر أمه، برقم: (976).

(10) تأمل ـ أخي الكريم ـ كيف أتى بالنكرة في سياق النفي، ثمّ أدخل عليها «مِن» لتصبح نصّا في العموم، ليعلّمنا سبحانه وتعالى على لسان أنبيائه ورسله أنّه جلّ جلاله يستحقّ التوحيد التّام الكامل، الذي لا تشوبه أدنى شائبةَ شرك، وأن من لم يأت بذلك فقد أخلّ بالكمال الواجب، وختم ذلك كلِّه بإضافة الفضل إلى الله وحده، لتعلم على الحقيقة، أن الإسلام محض فضل الله ـ سبحانه ـ تفضّل به على من يشاء من عباده.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير