أهل السنة والجماعة على أنه مؤمن ناقص الإيمان، ولو لا ذلك لما عذب، كما أنه ناقص البر والتقوى باتفاق المسلمين.
وهل يطلق عليه اسم مؤمن؟ هذا فيه القولان، والصحيح التفصيل:
فإذا سئل عن أحكام الدنيا كعتقه في الكفارة، قيل: هو مؤمن. وكذلك إذا سئل عن دخوله في خطاب المؤمنين.
وأما إذا سئل عن حكمه في الآخرة، قيل: ليس هذا النوع من المؤمنين الموعودين بالجنة، بل معه إيمان يمنعه الخلود في النار، ويدخل به الجنة بعد أن يعذب في النار، إن لم يغفر الله له ذنوبه. ولهذا قال من قال: هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، أو مؤمن ناقص الإيمان.
والذين لا يسمونه مؤمناً من أهل السنة ومن المعتزلة يقولون: اسم الفسوق ينافي اسم الإيمان لقوله تعالى: ژ? ? ? ? ?ژ [54] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn54)، وقوله: ژے ے ? ? ? ?ژ [55] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn55).
( والفرق بين مطلق الشيء، والشيء المطلق، أن الشيء المطلق هو الشيء الكامل، ومطلق الشيء يعني أصل الشيء وإن كان ناقصاً. فالفاسق لا يعطى الاسم المطلق في الإيمان وهو الاسم الكامل، ولا يسلب مطلق الاسم، فلا نقول: ليس بمؤمن، بل نقول: ناقص الإيمان، أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة وهو المذهب العدل الوسط، وخالفهم في ذلك طوائف: المرجئة يقولون: مؤمن كامل الإيمان، والخوارج يقولون: كافر، والمعتزلة في منزلة بين المنزلتين) [56] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn56).
مفهوم الإيمان والكفر عند الفرق
الإيمان عند الخوارج والمعتزلة وقولهم في أصحاب الذنوب:
ذهب الخوارج والمعتزلة إلى أن الإيمان قول وعمل، لكنه لا يزيد ولا ينقص ولا يستثنى فيه، وهو شيء واحد إن ذهب بعضه ذهب كله، وهذا ما دعاهم إلى القول بتخليد مرتكب الكبيرة في النار، لكنهم اختلفوا في حكمه في الدنيا، فقالت الخوارج بكفره، وقالت المعتزلة إنه في منزلة بين المنزلتين.
ولا شك أن قول الخوارج والمعتزلة من البدع المشهورة المخالفة للكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة.
في بيان مذهب الجهمية
المبحث الأول: قولهم في الإيمان
ذهب جهم ومن وافقه إلى أن الإيمان هو المعرفة بالله فقط، وأن الكفر هو الجهل به فقط، وأن قول اللسان وعمل القلب والجوارح ليس من الإيمان، وأن الإيمان شيء واحد لا يتفاضل ولا يستثنى منه.
وهذا أفسد قول قيل في الإيمان، ولهذا كفر أحمد ووكيع وغيرهما من قال بذلك.
والحاصل أن جهماً ومن وافقه يرون أن الإيمان هو مجرد المعرفة أو التصديق، وأن ذلك ينفع صاحبه ولو لم يتكلم قط بالإسلام، ولا فعل شيئاً من واجباته، ومع ذلك فقد التزم جهم بتكفير من كفره الشرع كإبليس وفرعون، زاعما أنه لم يكن في قلبيهما شيء من المعرفة بالله.
ولا شك أن إلزام الجهمية بالقول بإيمان إبليس وفرعون لوجود التصديق منهما إلزام لا محيد لهم عنه، ولهذا اضطربوا في الجواب عنه.
المبحث الثالث: أغلاط جهم
ظنه أنه مجرد تصديق القلب ومعرفته.
ظنه أن من حكم الشرع بكفره
في بيان مذهب الكرامية
وقد ذهبت الكرامية إلى أن الإيمان قول باللسان فقط، وأنه شيء واحد لا يزيد ولا ينقص، ولا يستثنى فيه.
قلت: الكرامية تسمي المنافق مؤمناً، ولكنهم يحكمون بأنه مخلد في النار.
في بيان مذهب الأشاعرة
المبحث الأول: قولهم في الإيمان
القول المعتمد عند الأشاعرة:
أن الإيمان هو التصديق بالقلب، وأن قول اللسان شرط لإجراء الأحكام في الدنيا، وأن عمل الجوارح شرط كمال في الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص.
قول اللسان شرط لإجراء الأحكام الدنيوية.
وأما عمل الجوارح: فهو شرط كمال الإيمان عندهم.
المبحث الثاني: قولهم في الزيادة والنقصان
والمرجح عندهم إثبات الزيادة والنقصان في الإيمان والمرجح عند الأشاعرة أن الخلاف حقيقي، وأن التصديق نفسه يزيد وينقص.
هذا ما عليه متأخروا الأشاعرة، وهو الذي استقر عليه مذهبهم، وقد ذهب إلى القول بالزيادة والنقصان جماعة من متقدميهم.
المبحث الثالث: قولهم في الاستثناء في الإيمان:
¥