تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلما وقع الخلط من المعتزلة بين هذين النوعين من الإرادة ضلوا في معنى الآية، وزعموا أنها حجة لهم، وليست كذلك؛ لأن الله ذكر أنه فعل الأول، ليفعل العباد الثاني، فيكونون هم الفاعلين له، فيحصل بفعلهم سعادتهم، وما يحبه ويرضاه لهم، فهذا الذي خلقهم له، لو فعلوه لكان فيه ما يحبه وما يحبونه، ولكن لم يفعلوه، فاستحقوا ما يستحقه العاصي المخالف لأمره، التارك فعل ما خلق لأجله، من عذاب الدنيا والآخرة [20] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn20).

9 _ أما رد المعتزلة على ما استدل به أهل السنة في قوله _ تعالى _: ژ? ? ? ?ژ [21] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn21) ، وذلك حين زعموا أن المقصود: ما تعملونه من أصنام وتنحتونه، فإنه مردود بأن (ما) في الآية لها إعرابان: إما أن تكون مصدرية، فيكون المعنى: خلقكم وخلق عملكم، وسياق الآية لا يأباه _ كما يدعي المعتزلة _ والآية تدل على أن المنحوت مخلوق لله _ تعالى _، وهو ما صار منحوتاً إلا بفعلهم، فيكون ما هو من أثار فعلهم مخلوقاً لله _ تعالى _، ولو لم يكن النحت مخلوقاً لله _ تعالى _ لم يكن المنحوت مخلوقاً له، بل الخشب أو الحجر لا غير [22] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn22)، والتقريع في الآية، إنما هو منصب على الفعل الذي هو العبادة، أكثر من انصبابه على النحت وعمل الأصنام، ويجوز أن تكون (ما) موصولة، والمعنى: والله خلقكم، وخلق الذي تعملونه بأيديكم من الأصنام، ويدخل في ذلك نحت الأصنام، والأصنام ذاتها، وكلا المعنيين في الآية دال على أن أفعال العباد مخلوقة لله، وإن كان بعض المفسرين يرجح الأول [23] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn23).

أما ادعاء المعتزلة في قوله _ تعالى _: ژہ ہ ہ ہژ [24] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn24) ، بأنه مخصوص، فهو مردود بأن ما دلت عليه الآية عام محفوظ، لا يخرج عنه شيء من العالم: أعيانه، وأفعاله، وحركاته، وسكناته، وليس مخصوصاً بذاته وصفاته، فإنه الخالق بذاته وصفاته، وما سواه مخلوق له، واللفظ قد فرق بين الخالق والمخلوق، وصفاته سبحانه داخلة في مسمى اسمه، فالآية باقية على عمومها، ولا مخصص لها، بل دلت الأدلة على عمومها، وأن ما سوى الله مخلوق من الأعيان والأفعال، أما تفسير الخلق بمعنى التقدير، أي أنه مقدرها، فقدماء المعتزلة ينكرون حتى التقدير، أما من اعترف منهم بالتقدير، فهو تقدير لا يرجع إلى تأثير، وإنما هو مجرد العلم بها، والخبر عنها، وهذا لا يسمى خالقاً في لغة أمة من الأمم [25] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftn25).

كتبه

محمد بن عبدالله الشنو

[1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref1) انظر: مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم ص (325 - 326) ط مصورة / مكتبة الرياض الحديثة.

[2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref2) انظر: القدر لابن تيمية ص (123). وبهذا التفريق بين فعل الله القائم به أو ما هو من مخلوقاته المنفصلة عنه تزول له شبهات كثيرة، فالشمس وحركتها مخلوقتان لله تعالى، ولا يقول قائل: إن حركة الشمس لا تنسب إلى الله وإنما تنسب إليها هي، كذلك فعل العبد من صلاة وغيرها؛ إنما تنسب إلى العبد ولا يمنع ذلك من كون العبد وفعله مخلوقين لله تعالى.

[3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref3) الملك: 3

[4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref4) انظر محاسن التأويل جـ (16/ 5878)، وانظر: تفسير ابن كثير (4/ 396).

[5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=58#_ftnref5) الفصل: ابن حزم جـ (3/ 67 - 69)، وانظر: محاسن التأويل جـ (16/ 5879) وما بعدها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير