تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هل يلزم من النصرة المطلقة زوال أصل الإيمان؛ بحب الكفر، وبغض الإسلام؟.

* * *

النصرة المطلقة:

هي التي تكون في كل حال، وموطن، في كل دقيقة وجليلة من الأمر؛ ينصر الكافرين على المؤمنين، لا يتخلف في موطن ما، حتى لو أدى ذلك إلى احتلال البلاد، والحكم بغير ما أنزل الله، وفتنة المسلمين عن دينهم، وردة بعضهم، وعلمه بكل آثار ذ لك.

في هذه الحال: يزول الإيمان من بلاد الإسلام بتحكيم الطاغوت.

وفي هذه الحال: يزول إيمان بعض المسلمين المستجيبين للدعوة الكافرة.

وفي هذه الحال: يهون دين الإسلام، ويذل المسلمون.

فالمرتكب لهذا النوع من النصرة في الموالاة متسبب - بقصد وعلم - في ضياع إيمان البلاد، وبعض العباد. فهل يكفر بها؟.

هذا وجه .. وجه آخر: قد حكى الله تعالى عن الكفار، فذكر من سبب كفرهم: أنهم يؤثرون ويقدمون الدنيا على الآخرة:

- {وويل للكافرين من عذاب شديد * الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويبغونها عوجا} [إبراهيم 2 - 3].

- {ذلك بأنهم استحبوا الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين} [النحل 107].

وهذا المتولي بهذه النصرة كذلك هو، قد آثر الدنيا على الآخرة. فأي فرق بينهما؟.

والإيثار عموما، بغير اختصاص بالنصرة، على قسمين: مطلق، ومقيد.

- فالمطلق هو الذي يفضي إلى نقض أصل الإيمان وكله. فهو كفر؛ لأنه سيؤثر الدنيا على كل شيء، حتى ما فيه نقض عرى الإسلام، كمن يؤثر القوانين الوضعية.

- والمقيد قد يفضي إلى نقض أصل الإيمان، وقد لا يفضي، فإن أفضى فهو كفر، وإلا فلا.

فإن كان الإيثار بالنصرة، فكان هذا المتولي ينصر الكافر مطلقا، مؤثرا دنياه، فهو كافر حينئذ؛ لأنه من أسباب كفر الكافرين، ولأنه يفضي إلى نقض أصل إيمانه، بل كله.

فإذا كانت نصرته مطلقة، فإنه لن يتردد في فعل كل شيء لأجل النصرة، حتى لو كان كفرا.

وننبه هنا إلى جملة مهمة: أنه لا يستفاد من القول الآنف: "فهو كافر حينئذ"، كفر المعين؛ لأن الكلام في سياق المجهول عينه، المعلوم فعله. فهما حالتان:

- الأولى: يقال فيها: هذا الفعل كفر.

- والثانية: يقال فيها: فاعله كافر؛ أي الفاعل دون تعيين.

وفي كليهما بيان للحكم، وليس تنزيل له على معين، أما تنزيله على المعين فيكون: بإثبات الشروط، وانتفاء الموانع. أي بإقامة الحجة.

* * *

النصرة التي تحمل الضرر:

الحالة الأخرى: أن ينصرهم، مع علمه بما يترتب عليه من: احتلال بلاد المسلمين، وفتنتهم عن دينهم، وتعطيل حكم الله. وهذا هو الإضرار، الذي تقدم معناه في قوله تعالى: {فليس من الله في شيء} [آل عمران 28].

ففي هذا الحال ما حكمه؟.

الجواب يبنى على معرفة: إن كان يمكن اجتماع الإيمان مع الإعانة - بقصد وعلم، دون إكراه - على نفي الإيمان عن الآخرين؟.

فهذا الموالي بنصرته الكافرين، إن كان يعلم أنه بفعله يعلي كلمة الكفر على كلمة الإسلام، حتى ينتفي الإيمان من البلاد، بتعطيل حكم الله، وينتفي عن بعض المسلمين المستجيبين لدين الكافر:

فهل يبقى لديه أصل الإيمان؛ محبة الإسلام وبغض الكفر، وهو يتسبب، عن علم وقصد، في زوال أصل الإيمان عن بلاد الإسلام، وطائفة من المسلمين؟.

هل الغرض الدنيوي يمكن أن يكون سببا وحيدا في هذه النصرة، دون محبة الكفر، أو بغض الإسلام؟.

والمرء يحصل له الكفر بتسببه في زوال الإيمان عن نفسه عمدا واختيارا وبعلم، فكيف بمن يتسبب – بعلم، وقصد، واختيار - في زوال الإيمان من أرض الإسلام، وهوان المسلمين بالاحتلال، ويتسبب في فتنة الناس بالكفر، وردتهم وزوال إيمانهم إلا من رحم الله، كل ذلك لأجل الدنيا؟!.

آلتسبب في زوال إيمان واحد كفر، والتسبب بعمد في زوال إيمان البلاد جميعها ثم العباد ليس بكفر؟!.

الذي لا ريب فيه: أن هذا مستحب للدنيا على الآخرة، فيكون حكمه حكم المستحب، كما في الآيات السابقة؛ فإنه قدم الدنيا على الآخرة في أمر عظيم هو: الحكم بما أنزل الله، وحفظ دين الناس وإيمانهم. فرضي بهتك كل ذلك، بتسليط الكفر على بلاد الإسلام، وردة بعض المسلمين، لأجل الدنيا. فإن الكافر إذا تسلط أزال الإيمان من البلاد، بتحكيمه القوانين الوضعية، وفتح باب الردة بدعوى الحرية.

فهذا وجه صحيح لكفر من نصر الكافر لأجل الدنيا ..

وجه آخر .. أنه ربما افترض أحد أنه غير مبغض للإسلام، ولا محب للكفر. فكيف يكون كافرا؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير