تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى الرغم من الاحتقان السياسي والتصعيد الأمني غير المبرر من قبل الحكومة التي أقرت مبدأ عدم المحاسبة لجنودها العاملين في الجنوب التايلاندي مما فتح لهم باب القتل والنهب للمسلمين مطمئنين إلى عدم محاسبتهم قضائياً؛ الأمر الذي انتقدته لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مؤخراً بعد إقرار قانون الطوارئ – إلا أن نحو (73) من زعماء المسلمين من مختلف أنحاء تايلاند بقيادة الزعيم الإسلامي (ولاراجا مونتري) قدموا خطة للمصالحة تضمنت سبعة بنود إلى وزير الداخلية "كونجساك وانتانا" يوم الأحد 28 - 8 - 2005، في محاولة لوضع نهاية سلمية للعنف الدائر في الأقاليم الجنوبية ذات الأغلبية المسلمة، تكون بديلة لحال الطوارئ التي تخوّل السلطات صلاحيات واسعة لقمع السكان المسلمين.

وتتضمن الخطة: دعوة الحكومة "لانتهاج حلول سليمة وعادلة بدلاً من الإجراءات السياسية التي تغلب عليها المنفعة الذاتية، ومراعاة ألاّ تجرح الإجراءات المتخذة مشاعر الأهالي المسلمين، أو تسيء لمعتقداتهم الدينية، وتثير حساسيتهم". مع مراعاة المعاملة العادلة للمشتبه في ارتكابهم لأفعال خاطئة، وعقد النية المخلصة لاستعادة ثقة وتأييد أهل الجنوب، وإنشاء آلية مركزية لتقليل التوترات بين سلطات الدولة والسكان المحليين، مع ضرورة أن "تلزم الحكومة نفسها باقتصاص العدالة من مرتكبي الجرائم، سواء كانوا من مسؤولي الدولة أو المتمردين المشتبه فيهم".

على أن تضطلع اللجنة الإسلامية المركزية لتايلاند بتقديم حلول خلاقة لمشكلة الجنوب المسلم، وأن تسعى اللجان الإسلامية المحلية في مختلف المحافظات لتبني إجراءات فعّالة لحلها، وتعبر عن عدم موافقتها على العنف والقتل خاصة حيال الأبرياء". لكن وزير الداخلية لم يقدم حلولاً فاعلة أو أية وعود بالتخلي عن أحكام الطوارئ، وجاء الردّ قاسياً بصورة عسكرية؛ إذ أرسلت الحكومة التايلاندية نحو (30) ألفاً من قواتها العسكرية للقيام بحملة قمع جديدة تحت شعار ارتباط بعض الجماعات الإسلامية في الجنوب بتنظيم القاعدة، الأمر الذي ينفيه تماماً قادة المسلمين، مؤكدين أنهم يطالبون بحقوقهم فقط، وهي دولة تحفظ هويتهم.

لا أمل في الاستقرار

وفي ضوء دراسة مستقبل أوضاع مسلمي تايلاند يتبدى في الأفق السياسي أن الأمور تسير في طريق لا رجعة فيه من التوتر والتصعيد الأمني.

إذ أدت محاولات الحكومة المتكررة لفرض هوية تايلاندية على الجنوب إلى زيادة الشعور بالاستياء وتغذية حركة استقلال أخفقت حتى الآن، في كسب قبول سياسي واسع النطاق. ولعل ظاهرة قتل المدرسين بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة تفسر رفض المسلمين فرض تعليم حكومي يتعارض تماماً مع هويتهم.

كما أن الاضطرابات آخذة بالتنامي في تايلاند؛ فالمظالم القديمة تزداد تعقيداً بسبب إهمال الحكومة وتصرفاتها الخرقاء. وبطبيعة الحال فإن التقصير في الاستجابة لشكاوى المسلمين سوف يضمن تحول الغضب إلى تمرّد قد تترتب عليه عواقب كارثية بالنسبة لتايلاند وسائر أنحاء جنوب شرق آسيا.

إن مواطني جنوب تايلاند لديهم أسباب عديدة تجعلهم ساخطين على الأوضاع، فهم مختلفون عن بقية البلد؛ إذ إنهم مسلمون في بلد أغلبيته الساحقة من البوذيين، وذلك لكونهم من سلالة شعب مملكة فطاني المسلمة التي استولت عليها تايلاند عام 1902. ولذلك فإن لديهم روابط قوية مع ماليزيا وهم يتحدثون اللهجة الملاوية، ويعدون أنفسهم فطانيين لا تايلانديين. وعلاوة على ذلك فإن منطقتهم أقل تنمية من بقية تايلاند ولا تنتج سوى 5,1 % من إجمالي الناتج القومي بعدما سلبت الحكومة أراضيهم الخصبة وأعطتها للبوذيين.

دولة للمسلمين في الماضي والمستقبل

وأخير وبعد دراسة معالم الفوبيا السياسية والعنصرية التايلاندية، لابد من التأكيد على عدة حقائق تفسر الأزمة الأخيرة وترسم مستقبل الأوضاع السياسية في تايلاند ..

وعلى رأس الحقائق أن فطاني هي المنطقة الواقعة بين ماليزيا وتايلاند ويرجع أصل سكانها للمجموعة الملايوية ويتكلمون اللغة الملايوية ويكتبونها حتى الآن بأحرف عربية, ووصل الإسلام إلى فطاني عن طريق التجارة في القرن الخامس الهجري وأخذ في التنامي حتى صارت المنطقة كلها إسلامية وتحت حكم المسلمين في القرن الثامن الهجري، وصارت فطاني مملكة إسلامية خالصة ومستقلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير