لقد عرف العلم كثير من العلماء والباحثين من قديم الزمان، ولعل أقرب تعريف إلى الواقع هو تعريف سارتون الأميركي الذي عرّف العلم بأنه: " مجموعة معارف محققة ومنظمة "؛ لما قال: " مجموعة "، خرجت المعارف الفردية، ولما قال: " معارف "، خرجت المشاعر والأذواق!، ولما قال: " محققة " خرجت النظريات والافتراضات، ولما قال: " منظمة " خرجت المعلومات المبعثرة المتفرقة، ولا يضرنا أن نأخذ هذا التعريف من أميركي نصراني، فإن الحكمة ضالة المؤمن، حيثما وجدها التقطها، لأنه أحق بها وأهلها.
وهو في هذا التعريف موافق لما هو في كتبنا، ولما قال علماؤنا.
ثالثا: إذا كانت هذه الأذواق التي سماها علما لا تحد معانيها الألفاظ والأرقام، والإنسان إنما هو حيوان ناطق، يعبر عما في نفسه بالألفاظ، فكيف ينقل هذا العلم من واحد إلى آخر إذا كانت الألفاظ لا تستطيع أن تحده؟!!!
وإذا كان هذا العلم لا تسمو إليه الضمائر ولا الأوهام، فما الذي يبقى؟!! ما الذي يبقى إذا لم يكن في هذا العلم حقائق تعبر عنها الألفاظ، حتى ولا أوهام وخيالات ربما يصورها الفن والشعر والبيان؟!!! ما الذي يبقى؟!!
هل يبقى إلا ما يحس به السكران أو الحشاش، أو ساكن مستشفى الأمراض العقلية؟!!!
رابعا: يقول في هذا الكتاب نقلا عن أبي يزيد البسطامي، أن من كلامه: " حدثني قلبي عن ربي!! ".
هذه الكلمة شائعة بين غلاة المتصوفة، فإذا كان يأخذ العلم عن ربه رأسا!! أليس في ذلك إلغاء للرسالة، ولِما نزل به جبريل؟!!! والله – عزوجل – يقول: ((وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب)) الآية.
في هذا الكتاب من الكلمات الصوفية التي يشرحها ويزعم أنه يرد بها على شيخ الإسلام ابن تيمية: أن أبا يزيد البسطامي يقول في ص153: (أخذتم علمكم ميتا عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت!!).
أي: أننا أخذنا علومنا عن الأئمة وقد ماتوا، وهم أخذوا عن التابعين وقد ماتوا، والتابعون قد أخذوا عن الصحابة وقد ماتوا، والصحابة أخذوا عن رسول الله وقد مات، بنص القرآن – عليه الصلاة والسلام – أي انتقل إلى الرفيق الأعلى، وهم أخذوه رأسا - كما - يدعي عن الله!!! أليس في هذا ما يلغي الشريعة؟. في صفحت 178 من الكتاب يقول: أنه
قرأ على أبي يزيد ((إن بطش ربك لشديد)) فقال: بطشي أشد وفي ص \ 184 أن أبا يزيد البسطامي، قال:
((أنا الله))، وقال ((إ ني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني)).
هذه الكلمات كلها، وفي الكتاب ما هو أفظع منها، يشرحها
هذا الغراب مؤلف الكتاب، يشرح هذه الكلمة فيقول: ((أي أن العبد إذا أعتق نفسه من الرق مطلقا، يقيم من نفسه في حال كون عينه في قواه وجوارحه، إذا كان في هذه الحال، وكان هذا نعته، كان سيدا وزالت عبوديته مطلقا، لأن العبودية هنا راحت، إذ لا يكون الشيء عبد نفسه، فهو كما قال أبو يزيد في تحقيق هذا المقام مشيرا تاليا: إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني)).
يا أيها القراء! ناشدتكم الله، هل قال أبو جهل، وهل قال أبي بن خلف، وهل قال مشركو مكة مثل هذا القول، أو قالوا بعضه، أو اقتربوا منه؟!!
لقد كان كفرهم بالنسبة لهذا كفرا بدائيا بسيطا، وهذا كفر معقد مركب!!.
أنا لا أريد أن أرد على كل ما جاء في هذا الكتاب، ففي الـ ص 185 منه هذا البيت المشهور، جاء به محرفا يقول:
وفي كل شيء له آية تدل على أنه (عينه!!)
إذا كان النصارى جعلوا الله ثالث ثلاثة، فكم زاد هذا الغراب عن الثلاثة؟!! إذا جعل كل شيء هو عين الله.
إذا كان من يدعي بأنه هارون الرشيد! أو أنه هتلر! أو أنه أمير المؤمنين!، يحوله طبيب الأمراض العقلية إلى شهار في الطائف، أو إلى القصير في الشام، أو إلى العباسية في مصر، أو إلى العصفورية في لبنان، أو إلى ديورن في ألمانيا، فأين يوضع أبو يزيد البسطامي، وهذا الغراب الذي ينعب بشرح كلماته؟!!
ثم تبلغ به الوقاحة، وقلة الحياء، وصفاقة الوجه أن يرسل منه – إن صدق – نسخا للشيخ ابن باز ولكل جامعة في المملكة!.
القط إن قضى حاجته حفر في التراب، فستر ما يخرج منه، ومؤلف هذا الكتاب – كائنا من كان – يكشف للناس هذا الكفر كله!
¥