ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[27 - 07 - 08, 05:23 م]ـ
نقض قولهم في الحد
فاعلم أنهم بنوا المنطق على الكلام فى الحد ونوعه والقياس البرهانى ونوعه قالوا لأن العلم إما تصور وإما تصديق؛فالطريق الذى ينال به التصور هو الحد والطريق الذى ينال به التصديق هو القياس.
فنقول:الكلام فى أربع مقامات مقامين سالبين ومقامين موجبين فالأولان: أحدهما: فى قولهم أن التصور المطلوب لا ينال إلا بالحد.
و الثانى: أن التصديق المطلوب لا ينال إلا بالقياس.
والآخران فى أن الحد يفيد العلم بالتصورات.
وأن القياس أو البرهان الموصوف يفيد العلم بالتصديقات.
مجموع الفتاوى (9
83)
القسم الأول: الكلام على الحد
المسألة الأولى: قولهم أن التصور لا ينال إلا بالحد
المسألة الثانية: إن الحد يفيد العلم بالتصورات , وهاتان المسألتان متداخلتان.
والكلام عليها من وجوه:
الأول: لا ريب أن النافي عليه الدليل كالمثبت والقضية سواء أكانت سلبية أو إيجابية إذا لم تكن بديهية لا بد لها من دليل, وأما السلب بلا علم فهو قول بلا علم فقولهم "لا تحصل التصورات إلا بالحد" قضية سالبة وليست بديهية فهم مطالبون بالدليل وإذا لم يقيموا دليلا كان هذا قولا بلا علم ,وهو أول ما أسسوه فكيف تجعل هذه القاعدة التي لم يقيموا عليها دليلا أساسا لميزان العلم , وهم يزعمون أن هذا العلم آله قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الزلل والخطأ.
مجموع الفتاوى (9
84) والرد على المنطقيين (7)
الثاني: قولهم أن التصور الذى ليس ببديهى لاينال إلا بالحد باطل لأن الحد هو قول الحاد.
فالحد في تعريفهم: هو القول الدال على ماهيه المحدود.
فلا شك أن المعرفة بالحد لا تكون إلا بعد الحد؛فإن الحاد الذى ذكر الحد؛إن كان عرف المحدود بغير حد بطل قولهم - أنه لا يعرف إلا بالحد - وإن كان عرفه بحد آخر فالقول فيه كالقول فى الأول؛ فإن كان هذا الحاد عرفه بعد الحد الأول لزم التسلسل أوالدور ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=865987#_ftn1)) .
الرد على المنطقيين (27) ومجموع الفتاوى (9
44)
الثالث: لو حصل تصور المحدود بالحد لحصل ذلك قبل العلم بصحة الحد
قال: لو كان الحد مفيدا لتصور المحدود لم يحصل ذلك إلا بعد العلم بصحة الحد؛فإنه دليل التصور وطريقه وكاشفه؛ فمن الممتنع أن يعلم المعرف المحدود قبل العلم بصحة المعرف ,والعلم بصحة الحد لا يحصل إلا بعد العلم بالمحدود إذ الحد خبر عن مخبر هو المحدود؛فمن المتنع أن يعلم صحة الخبر وصدقه قبل تصور المخبر عنه من غير تقليد للمخبر وقبول قوله.
مجموع الفتاوى (9
93) والرد على المنطقيين (38)
الرابع:استغناء أهل العلوم عن الحد
إن الأمم جميعهم من أهل العلوم والمقالات وأهل الأعمال والصناعات يعرفون الأمور التي يحتاجون إلى معرفتها ,ويحققون من العلوم والأعمال من غير تكلم بحد ,ولا نجد أحدا من أئمة العلوم يتكلم بهذه الحدود لا أئمة الفقه ولا النحو ولا الطب ولا الحساب ولا أهل الصناعات مع أنهم يتصورون مفردات علمهم؛ فعلم استغناء التصور عن هذه الحدود.
مجموع الفتاوى (9
85) والرد على المنطقيين (8)
وقال أيضا: أن المتكلمين بالحدود طائفة قليلة فى بنى آدم لا سيما الصناعة المنطقية؛فإن واضعها هو أرسطو وسلك خلفه فيها طائفة من بنى آدم.
ومن المعلوم أن علوم بنى آدم عامتهم وخاصتهم حاصلة بدون ذلك؛فبطل قولهم إن المعرفة متوقفة عليها, أما الأنبياء فلا ريب فى استغنائهم عنها ,وكذلك أتباع الأنبياء من العلماء والعامة؛ فإن القرون الثلاثة من هذه الأمة الذين كانوا أعلم بنى آدم علوما ومعارف لم يكن تكلف هذه الحدود من عادتهم؛فإنهم لم يبتدعوها ولم تكن الكتب الاعجمية الرومية عربت لهم ,وإنما حدثت بعدهم من مبتدعة المتكلمين والفلاسفة ,ومن حين حدثت صار بينهم من الاختلاف والجهل مالا يعلمه إلا الله.
وكذلك علم الطلب و الحساب وغير ذلك لاتجد أئمة هذه العلوم يتكلفون هذه الحدود المركبة من الجنس والفصل إلا من خلط ذلك بصنعتهم من أهل المنطق.
وكذلك النحاة مثل سيبويه الذى ليس فى العالم مثل كتابه ,وفيه حكمة لسان العرب لم يتكلف فيه حد الاسم والفاعل ونحو ذلك كما فعل غيره.
¥