وغيرهم.
ثم إن ما ذكره أهل المنطق من صناعة الحد لا ريب أنهم وضعوها وضعا وقد كانت الأمم قبلهم تعرف حقائق الأشياء بدون هذا الوضع وعامة الأمم بعدهم تعرف حقائق الأشياء بدون وضعهم وهم إذا تدبروا وجدوا أنفسهم يعملون حقائق الأشياء بدون هذه الصناعة الوضعية.
مجموع الفتاوى (9
89) والرد على المنطقيين (14)
السادس والعشرون: ليس من وظائف الحد معرفة عموم وخصوص المحدود.
وهو أن الحس الباطن والظاهر يفيد تصور الحقيقة تصورا مطلقا أماعمومها وخصوصها فهو من حكم العقل؛فإن القلب يعقل معنى من هذا المعين ,ومعنى يماثله من هذا المعين؛فيصير فى القلب معنى عاما مشتركا وذلك هوعقله أى عقله للمعاني الكليه؛فإذا عقل معنى الحيوانية الذى يكون فى هذا الحيوان وهذا الحيوان ومعنى الناطق الذى يكون فى هذا الإنسان ,وهذا الإنسان وهومختص به عقل أن فى نوع الإنسان معنى يكون نظيره فى الحيوان ومعنى ليس له نظير فى الحيوان
فالأول هو الذي يقال له الجنس والثانى الذى يقال له الفصل وهما موجودان فى النوع.
فهذا حق ولكن لم يستفد من اللفظ ما لم يكن يعرفه بعقله من أن هذا المعنى عام للإنسان ولغيره من الحيوان بمعنى أن ما فى هذا نظير ما فى هذا ليس فى الأعيان الخارجة عموم ,وهذا المعنى يختص بالإنسان فلا فرق بين قولك الإنسان حيوان ناطق وقولك الإنسان هو الحيوان الناطق إلا من جهة الإحاطة والحصر فى الثانى لا من جهة تصوير حقيقته باللفظ والإحاطة , والحصر هو التمييز الحاصل بمجرد الاسم وهو قولك إنسان وبشر؛فإن هذا الاسم إذا فهم مسماه أفاد من التمييز ما أفاده الحيوان الناطق فى سلامته عن المطاعن.
وأما تصور أن فيه معنى عاما ومعنى خاصا فليس هذا من خصائص الحد كما تقدم والذى يختص بالحد ليس إلا مجرد التمييز الحاصل بالأسماء وهذا بين لمن تأمله.
مجموع الفتاوى (9
51)
السابع والعشرون: أن الحد إذا كان له جزءان فلا بد لجزءيه من تصور كالحيوان والناطق؛فإن احتاج كل جزء إلى حد لزم التسلسل أو الدور
فإن كانت الأجزاء متصورة بنفسها بلا حد وهو تصور الحيوان أو الحساس أو المتحرك بالإرادة أو النامي أو الجسم فمن المعلوم أن هذه أعم وإذا كانت أعم لكون إدراك الحس لأفرادها أكثر؛فإن كان إدراك الحس لأفرادها كافيا في التصور فالحس قد أدرك أفراد النوع وإن لم يكن كافيا في ذلك لم تكن الأجزاء معروفة فيحتاج المعرف إلى معرف وأجزاء الحد إلى حد.
مجموع الفتاوى (9
57)
الثامن والعشرون: إن التصورات المفردة يمتنع أن تكون مطلوبة فيمتنع أن يعلم بالحد لأن الذهن أن كان شاعرا بها امتنع الطلب لأن تحصيل الحاصل ممتنع وإن لم يكن شاعرا بها امتنع من النفس طلب ما لا تشعر به فإن الطلب والقصد مسبوق بالشعور.
فإن قيل فالإنسان يطلب تصور الملك والجن والروح وأشياء كثيرة؛وهو لا يشعر بها قيل قد سمع هذه الأسماء فهو يطلب تصور مسماها كما يطلب من سمع ألفاظا لا يفهم معانيها تصور معانيها ,وهو إذا تصور مسمى هذه الأسماء؛فلا بد أن يعلم أنها مسماة بهذا الاسم إذ لو تصور حقيقة ولم يكن ذلك الاسم فيها لم يكن تصور مطلوبه فهنا المتصور ذات وأنها مسماة بكذا وهذا ليس تصورا بالمعنى فقط بل للمعنى و لاسمه , وهذا لا ريب أنه يكون مطلوبا ولكن لا يوجب أن يكون المعنى المفرد مطلوبا ,و أيضا فإن المطلوب هنا لا يحصل بمجرد الحد بل لا بد من تعريف المحدود بالاشارة إليه أو غير ذلك مما لا يكتفي فيه بمجرد اللفظ وإذا ثبت امتناع الطلب للتصورات المفردة؛فإما أن تكون حاصلة للإنسان فلا تحصل بالحد فلا يفيد الحد التصور واما أن تكون حاصلة فمجرد الحد لا يوجب تصور المسميات لمن لا يعرفها ومتى كان له شعور بها لم يحتج إلى الحد في ذلك الشعور إلا من جنس ما يحتاج إلى الاسم والمقصود هوالتسوية بين فائدة الحد وفائدة الاسم.
مجموع الفتاوى (9
96) والرد على المنطقيين (61)
التاسع والعشرون:تصور الحد لا يكون إلا بتصور المعنى المراد حده
¥