تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأراد أن يبين لهم بالكلمة الجامعة وهى القضية الكلية أن كل مسكر خمر ثم جاء بما كانوا يعلمونه من أن كل خمر حرام حتى يثبت تحريم المسكر فى قلوبهم كما صرح به فى قوله: كل مسكر حرام.

ولو اقتصر على قوله كل مسكر حرام لتأوله متأول على أنه أراد القدح الأخير كما تأوله بعضهم.

والغرض هنا أن صورة القياس المذكورة فطرية لا تحتاج إلى تعلم بل هى عند الناس بمنزلة الحساب ولكن هؤلاء يطولون العبارات ويغربونها.

مجموع الفتاوى (9

68)

الثالث: من قواعدهم ما لايستند إلى القياس

قال: والكلام فى انقسام الوجود إلى الجواهر والأعراض التسعة التى هى الكم والكيف والإضافة والأين ومتى والوضع والمللك وأن يفعل وأن ينفعل كما أنشد بعضهم فيها:

زيد الطويل الأسود بن مالك فى داره بالأمس كان يتكي

فى يده سيف نضاه فانتضى فهذه عشر مقولات سواء

ليس عليها ولا على أقسامها قياس منطقى بل غالبها مجرد استقراء قد نوزع صاحبه فى كثير منه.

فإذا كانت صناعتهم بين علوم لا يحتاج فيها إلى القياس المنطقى وبين مالا يمكنهم أن يستعملوا فيه القياس المنطقى كان عديم الفائدة فى علومهم بل كان فيه من شغل القلب عن العلوم والأعمال النافعه ما ضر كثيرا من الناس كما سد على كثير منهم طريق العلم وأوقعهم فى أودية الضلال والجهل فما الظن بغير علومهم من العلوم التى لا تحد للأولين والآخرين.

مجموع الفتاوى (9

22)

الرابع:العلم بنتيجة القياس المنطقي ممكن بدون توسط القضية الكلية

قال: ما من قضية من هذه القضايا الكلية تجعل مقدمة في البرهان إلا والعلم بالنتيجة ممكن بدون توسط ذلك البرهان بل هو الواقع كثيرا؛فإذا علم أن كل واحد فهو نصف كل اثنين وأن كل اثنين نصفهم واحد؛فإنه يعلم أن هذا الواحد نصف هذين الاثنين وهلم جرا في سائر القضايا الأخر من غير استدلال على ذلك بالقضية الكلية , وكذلك كل جزء يعلم أن هذا الكل أعظم من جزئه بدون توسط القضية الكلية, وكذلك هذان النقيضان من تصورهما نقيضين؛ فإنه يعلم أنهما لا يجتمعان وكل أحد يعلم أن هذا العين لا يكون موجودا معدوما كما يعلم المعين الآخر ,ولا يحتاج ذلك إلى أن يستدل عليه بأن كل شيء لا يكون موجودا معدوما معا ,وكذلك الضدان فإن الإنسان يعلم أن هذا الشيء لا يكون أسود أبيض ولا يكون متحركا ساكنا كما يعلم أن الآخر كذلك ولا يحتاج في العلم بذلك إلى قضية كلية بأن كل شيء لا يكون أسود أبيض ولا يكون متحركا ساكنا.

مثال ذلك ... إذا قيل أن هذا ممكن وكل ممكن فلا بد له من مرجح لوجوده على عدمه على أصح القولين أو لأحد طرفيه على قول طائفة من الناس.

أو قيل هذا محدث وكل محدث فلا بد له من محدث؛فتلك القضية الكلية وهي قولنا كل محدث لا بد له من محدث وكل ممكن لا بد له من مرجح يمكن العلم بأفرادها المطلوبة بالقياس البرهاني عندهم بدون العلم بالقضية الكلية التي لا يتم البرهان عندهم إلا بها؛فيعلم أن هذا المحدث لا بد له من محدث وهذا الممكن لا بد له من مرجح؛فإن شك عقله وجوز أن يحدث هو بلا محدث أحدثه أو أن يكون وهو ممكن -يقبل الوجود والعدم- بدون مرجح يرجح وجوده جوز ذلك في غيره من المحدثات والممكنات بطريق الأولى ,وإن جزم بذلك في نفسه لم يحتج علمه بالنتيجة المعينة وهو قولنا وهذا محدث فله محدث أو هذا ممكن فله مرجح إلى القياس البرهاني.

ومما يوضح هذا أنك لا تجد أحدا من بني آدم يريد أن يعلم مطلوبا بالنظر ويستدل عليه بقياس برهاني يعلم صحته إلا ويمكنه العلم به بدون ذلك القياس البرهاني المنطقي ,ولهذا لا تجد أحدا من سائر أصناف العقلاء غير هؤلاء ينظم دليله من المقدمتين كما ينظمه هؤلاء بل يذكرون الدليل المستلزم للمدلول ثم الدليل قد يكون مقدمة واحدة وقد يكون مقدمتين وقد يكون ثلاث مقدمات بحسب حاجة الناظر المستدل.

مجموع الفتاوى (9

109)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير