الناقص إذا سلم لهم ذلك , كيف وقد علم أنها لا تحرق السمندل والياقوت والأجسام المطلية بأمور مصنوعة ,ولا أعلم فى القضايا الحسية كلية لا يمكن نقضها مع أن القضية الكلية ليست حسية.
وأما الحكم العقلي فيقولون إن النفس عند رؤيتها هذه المعينات مستعدة لأن تفيض عليها قضية كلية بالعموم ,ومعلوم أن هذا من جنس قياس التمثيل ولا يوثق بعمومه إن لم يعلم ان الحكم العام لازم للقدر المشترك وهذا إذا علم علم فى جميع المعينات فلم يكن العلم بالمعينات موقوفا على هذا مع أنه ليس من القضايا العاديات قضية كلية لا يمكن نقضها باتفاق العقلاء.
الثاني الوجدانيات الباطينية كإدراك كل أحد جوعه وألمه ولذته ,وهذه كلها جزئيات بل هذه لا يشترك الناس فى إدراك كل جزئي منها كما قد يشتركون فى إدراك بعض الحسيات المنفصلة كالشمس والقمر؛ففيها من الخصوص فى المدرك والمدرك ما ليس في الحسيات المنفصلة ,وإن اشتركوا فى نوعها فهي تشبه العاديات ولم يقيموا حجة على وجوب تساوى النفوس في هذه الأحوال بل ولا على النفس الناطقة أنها مستوية الأفراد.
الثالث المجربات وهي كلها جزئية؛فإن التجربة إنما تقع على أمور معينة.
وكذلك المتواترات فإن المتواتر إنما هو ما علم بالحس من مسموع أو مرئى فالمسموع قول معين والمرئى جسم معين أو لون معين أو عمل معين أو أمرمعين وأما الحدسيات إن جعلت يقينية فهي نظير المجربات.
فلم يبق معهم إلا الأوليات التى هى البديهيات العقلية والأوليات الكلية إنما هي قضايا مطلقة فى الأعداد والمقادير ونحوها مثل قولهم الواحد نصف الاثنين والأشياء المساوية لشيء واحد متساوية ونحو ذلك وهذه مقدرات في الذهن ليست فى الخارج كلية.
فقد تبين أن القضايا الكلية البرهانية التى يجب القطع بكليتها التى يستعملونها في قياسهم لا تستعمل في شيء من الأمور الموجودة ,وإنما تستعمل في مقدرات ذهنية فإذن لا يمكنهم معرفة الأمور الموجودة بالقياس البرهاني ,وهذا هو المطلوب ولهذا لم يكن لهم علم بحصر أقسام الموجود بل أرسطو لما حصر أجناس الموجودات فى المقولات العشر الجوهر والكم والكيف والأين ومتى والوضع وأن يفعل وأن ينفعل والملك والإضافة؛ اتفقوا على أنه لا سبيل الى معرفة صحة هذا الحصر.
مجموع الفتاوى (9
221)
العاشر: قال: قد ذكر المناطقة أن القضايا المعلومه بالتواتر والتجربة والحواس يختص بها من علمها ولا تكون حجة على غيره بخلاف غيرها؛فإنها مشتركة يحتج بها على المنازع ,وهذا تفريق فاسد ,وهو أصل من أصول الإلحاد والكفر؛فإن المنقول عن الأنبياء بالتواتر من المعجزات وغيرها.
يقول أحد هؤلاء بناء على هذا الفرق هذا لم يتواتر عندي فلا تقوم به الحجة علي وليس ذلك بشرط ,ومن هذا الباب إنكار كثير من أهل البدع والكلام والفلسفة لما يعلمه أهل الحديث من الآثار النبوية؛فإن هؤلاء يقولون أنها غير معلومة لنا كما يقول من يقول من الكفار أن معجزات الأنبياء غير معلومة له ,وهذا لكونهم لم يعلموا السبب الموجب للعلم بذلك والحجة قائمة عليهم تواتر عندهم أم لا.
مجموع الفتاوى (9
104)
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[27 - 07 - 08, 06:00 م]ـ
الحادي عشر:قال: و أيضا إذا قالوا إن العلوم لا تحصل إلا بالبرهان الذي هو عندهم قياس شمولي ,وعندهم لا بد فيه من قضية كلية موجبة ,ولهذا قالوا إنه لا نتاج عن قضيتين سالبتين ولا جزئيتين في شيء من أنواع القياس لا بحسب صورته كالحملى والشرطي المتصل والمنفصل ,ولا بحسب مادته لا البرهاني ولا الخطابي ولا الجدلي بل ولا الشعري؛فيقال إذا كان لا بد في كل ما يسمونه برهانا من قضية كلية؛فلا بد من العلم بتلك القضية الكلية أي من العلم بكونها كلية وإلا فمتى جوز عليها أن لا تكون كلية بل جزئية لم يحصل العلم بموجبها والمهملة والمطلقة التي يحتمل لفظها أن تكون كلية وجزئية في قوة الجزئية ,وإذا كان لا بد في العلم الحاصل بالقياس الذي يخصونه باسم البرهان من العلم بقضية كلية موجبة.فيقال العلم بتلك القضية إن كان بديهيا أمكن أن يكون كل واحد من أفرادها بديهيا بطريق الأولى ,وإن كان نظريا احتاج إلى علم بديهي فيفضى إلى الدور المعي أو التسلسل في المتواترات وكلاهما باطل.
مجموع الفتاوى (9
106)
¥