الثاني عشر: قال: أن يقال أشرف الموجودات هو واجب الوجود ووجوده معين لا كلي؛فإن الكلي لا يمنع تصوره من قوع الشركة فيه ,وواجب الوجود يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه ,وإن لم يعلم منه ما يمنع تصوره من وقوع الشركة فيه بل إنما علم أمر كلي مشترك بينه وبين غيره لم يكن قد علم واجب الوجود. وكذلك الجواهر العقلية عندهم وهى العقول العشرة أو أكثر من ذلك عند من يجعلها أكثر من ذلك عندهم كالسهروردى المقتول وأبى البركات وغيرهما كلها جواهر معينة لا أمور كلية؛فإذا لم نعلم إلا بالكليات لم نعلم شيئا منها ,وكذلك الأفلاك التى يقولون أنها أزلية أبدبة فإذا لم نعلم إلا الكليات لم تكن معلومة فلا نعلم واجب الوجود ولا العقول ولا شيئا من النفوس ولا الأفلاك ولا العناصر ولا المولدات وهذه جملة الموجودات عندهم فأى علم هنا تكمل به النفس.
مجموع الفتاوى (9
125) والرد على المنطقيين (125)
الثالث عشر:قال إن تقسيمهم العلوم إلى الطبيعي ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=144010#_ftn1)) والرياضي والإلهي وجعلهم الرياضى أشرف من الطبيعى ,والإلهى أشرف من الرياضى هو مما قبلوا به الحقائق؛فإن العلم الطبيعى وهو العلم بالأجسام الموجودة فى الخارج ومبدأ حركاتها وتحولاتها من حال الى حال وما فيها من الطبائع أشرف من مجرد تصور مقادير مجردة وأعداد مجرده؛فإن كون الانسان لا يتصور إلا شكلا مدورا أو مثلثا أو مربعا ,ولو تصور كل ما فى إقليدس أولا يتصور إلا أعدادا مجردة ليس فيه علم بموجود فى الخارج وليس ذلك كمال النفس ,
ولولا أن ذلك طلب فيه معرفة المعدودات والمقدرات الخارجية التى هى أجسام وأعراض لما جعل علما ...
فإن علم الحساب الذى هو علم بالكم المنفصل و الهندسة التى هى علم بالكم المتصل؛علم يقينى لا يحتمل النقيض ألبته مثل جمع الأعداد وقسمتها وضربها ونسبه بعضهاإلى بعض؛فإنك إذا جمعت مائة إلى مائةعلمت أنهما مائتان؛فإذا قسمتهما على عشرة كان لكل واحد عشرة ,وإذا ضربتها فى عشرة كان المرتفع مائة والضرب مقابل للقسمة؛فإن ضرب الأعداد الصحيحة تضعيف آحاد أحد العددين بآحاد العدد الآخر؛فإذا قسم المرتفع بالضرب على أحد العددين خرج المضروب الآخر ,وإذا ضرب الخارج بالقسمة فى المقسوم عليه خرج المقسوم فالمقسوم نظير المرتفع بالضرب؛فكل واحد من المضروبين نظير المقسوم والمقسوم عليه ,والنسبة تجمع هذه كلها؛ فنسبة أحد المضروبين إلى المرتفع كنسبة الواحد إلى المضروب الآخر, ونسبه المرتفع إلى أحد المضروبين نسبة الآخر إلى الواحد؛ فهذه الأمور وأمثالها مما يتكلم فيه الحساب أمر معقول مما يشترك فيه ذووا العقول ,وما من أحد من الناس إلا يعرف منه شيئا؛فإنه ضرورى فى العلم ,ولهذا يمثلون به فى قولهم الواحد نصف الاثنين ولا ريب أن قضاياه كلية واجبة القبول لا تنتقض ألبته.
وهذا كان مبدأ فلسفتهم التى وضعها (فيثاغورس) وكانوا يسمون أصحابه أصحاب العدد ,وكانوا يظنون أن الأعداد المجردة موجودة خارجة عن الذهن ثم تبين لأفلاطون وأصحابه غلط ذلك ,وظنوا أن الماهيات المجردة كالإنسان والفرس المطلق موجودات خارج الذهن ,وأنها أزلية أبدية ثم تبين لأرسطو وأصحابه غلط ذلك؛فقالوا بل هذه الماهيات المطلقة موجودة فى الخارج مقارنة لوجود الأشخاص ومشى من مشى من أتباع أرسطو من المتأخرين على هذا ,وهو أيضا غلط؛فإن ما فى الخارج ليس بكلي أصلا ,وليس فى الخارج إلا ما هو معين مخصوص , وإذا قيل الكلى الطبيعي فى الخارج؛ فمعناه إنما هو كلي فى الذهن يوجد فى الخارج لكن إذا وجد فى الخارج لا يكون إلا معينا لا يكون كليا فكونه كليا مشروط بكونه فى الذهن , ومن أثبت ماهية لا فى الذهن ولا فى الخارج فتصور قوله تصورا تاما يكفى فى العلم بفساد قوله.
مجموع الفتاوى (9
128) والرد على المنطقيين (133)
الرابع عشر: ليس العلم الالهي عندهم علما بالخالق ولا بالمخلوق
قال رحمه الله: أن يقال العلم الأعلى عندهم الذي هو الفلسفة الاولى والحكمة العليا علم ما بعد الطبيعة باعتبار الاستدلال وما هو قبلها باعتبار الوجود ,وهو الذي يسميه طائفة منهم العلم الإلهي ,وموضوع هذا العلم هو الوجود المطلق الكلى المنقسم الى واجب وممكن وقديم ومحدث وجوهر وعرض ....
¥