تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك أساطين الفلاسفة يمتنع عندهم قديم يقبل العدم ويمتنع أن يكون الممكن لم يزل واجبا سواء قيل أنه واجب بنفسه أو بغيره ,ولكن ما ذكره ابن سينا وأمثاله فى أن الممكن قد يكون واجبا بغيره أزليا أبديا كما يقولونه فى الفلك هو الذى فتح عليهم فى الإمكان من الأسئلة القادحة فى قولهم ما لا يمكنهم أن يجيبوا عنه كما بسط فى موضعه؛فإن هذا ليس موضع تقرير هذا و, لكن نبهنا به على أن برهانهم القياسى لايفيدوا أمورا كليه واجبة البقاء فى الممكنات.

وأما واجب الوجود تبارك وتعالى؛فالقياس لا يدل على ما يختص به , وإنما يدل على أمر مشترك كلى بينه وبين غيره.

إذ كان مدلول القياس الشمولى عندهم ليس إلا أمورا كلية مشتركة وتلك لا تختص بواجب الوجود -رب العالمين سبحانه وتعالى- فلم يعرفوا ببرهانهم شيئا من الأمور التى يجب دوامها لا من الواجب ولا من الممكنات.

وإذا كانت النفس إنما تكمل بالعلم الذى يبقى ببقاء معلومه لم يستفيدوا ببرهانهم ما تكمل به النفس من العلم فضلا عن أن يقال أن ما تكمل به النفس من العلم لا يحصل إلا ببرهانهم ,ولهذا كانت طريقة الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه الاستدلال على الرب تعالى بذكر آياته.

وإن استعملوا فى ذلك القياس استعملوا قياس الأولى لم يستعملوا قياس شمول تستوى أفراده ولا قياس تمثيل محض؛فإن الرب تعالى لا مثيل له ولا يجتمع هو وغيره تحت كلي تستوي أفراده بل ما ثبت لغيره من كمال لا نقص فيه فثبوته له بطريق الأولى ,وما تنزه غيره عنه من النقائص فتنزهه عنه بطريق الأولى ,ولهذا كانت الأقيسة العقلية البرهانية المذكورة فى القرآن من هذا الباب كما يذكره فى دلائل ربوبيته وإلهيته ووحدانيته وعلمه وقدرته وإمكان المعاد وغير ذلك من المطالب العالية السنية والمعالم الإلهية التى هى أشرف العلوم ,وأعظم ما تكمل به النفوس من المعارف ,وإن كان كمالها لابد فيه من كمال علمها و قصدها جميعا فلا بد من عبادة الله وحده المتضمنة لمعرفته ومحبته والذل له.

مجموع الفتاوى (9

142) والرد على المنطقيين (147)

السابع عشر: أن يقال إذا كان لا بد فى كل قياس من قضية كلية فتلك القضية الكلية لا بد أن تنتهى إلى أن تعلم بغير قياس؛وإلا لزم الدور والتسلسل؛فإذا كان لا بد أن تكون لهم قضايا كلية معلومة بغير قياس.

فنقول ليس فى الموجودات ما تعلم له الفطرة قضية كلية بغير قياس إلا وعلمها بالمفردات المعينة من تلك القضية الكلية أقوى من علمها بتلك القضية الكلية مثل قولنا الواحد نصف الاثنين ,والجسم لا يكون فى مكانين والضدان لا يجتمعان؛فإن العلم بأن هذا الواحد نصف الاثنين فى الفطرة أقوى من العلم بأن كل احد نصف كل اثنين وهكذا كل ما يفرض من الآحاد.

فيقال المقصود بهذه القضايا الكلية إما أن يكون العلم بالموجود الخارجي أو العلم بالمقدرات الذهنية أما الثانى ففائدته قليلة ,وأما الأول فما من موجود معين إلا وحكمه بعلم تعينه أظهر أقوى من العلم به عن قياس كلي يتناوله فلا يتحصل بالقياس كثير فائدة بل يكون ذلك تطويلا ,وإنما استعمل القياس في مثل ذلك لأجل الغالط والمعاند فيضرب له المثل وتذكر الكلية ردا لغلطه وعناده بخلاف من كان سليم الفطرة.

وكذلك قولهم الضدان لا يجتمعان فأى شيئين علم تضادهما؛فإنه يعلم أنهما لا يجتمعان قبل استحضار قضية كلية بأن كل ضدين لايجتمعان ,وما من جسم معين إلا يعلم أنه لا يكون فى مكانين قبل العلم بأن كل جسم لا يكون فى مكانين وأمثال ذلك كثير.

فما من معين مطلوب علمه بهذه القضايا الكلية إلا وهو يعلم قبل أن تعلم هذه القضية ,ولا يحتاج فى العلم به إليها ,وإنما يعلم بها ما يقدر فى الذهن من أمثال ذلك مما لم يوجد فى الخارج.

مجموع الفتاوى (9

222) والرد على المنطقيين (316)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير