فقد يكون كافراً وقد لا يكون كافراً،
وذلك بعد النظر في الأمرين الذين ذكرتهما في ردي المتقدم.
فأصبح عندنا أمران مهمان يجب النظر فيهما قبل الحكم على الطاغوت:
الأمر الأول:
هل وصف بالطاغوت لتجاوزه؟
أم لتجاوز الناس به؟ .. (وهنا يُنظر: هل رضي؟ أم لم يرض؟).
الأمر الثاني:
هل وصل طغيانه وتجاوزه إلى حد الكفر؟
أم لم يصل؟
فالأمر الأول يوجب علينا النظر في حال الموصوف بالطاغوتية.
والأمر الثاني يوجب علينا النظر في الفعل الذي أوجب الوصف بالطاغوتية.
فإن استدلَّ أحدٌ بالآيات التي ذكر الله فيها بعض الطواغيت،
وحكم الله بكفرها في سياق الآيات!
فاستدلاله - هذا - خارج محل النزاع!
لأن محل البحث في الطواغيت التي لم يدل على التكفير بها دليل.
فقد يكون الطاغوت المذكور في الآيات كافراً بنص الآية،
لكنه لا يلزم منه أن يحكم بكفر كل طاغوت!
وذلك أن الطغيات متفاوت.
ثالثاً:
تأمل معي - بارك الله فيك - هذه النقاط:
النقطة الأولى:
إطلاق أهل العلم الطاغوت على كل من دعا إلى الضلالة.
قال القرطبي رحمه الله في قوله (واجتنبوا الطاغوت):
" أي: اتركوا كل معبود دون الله؛
كالشيطان والكاهن والصنم وكل من دعا إلى الضلال " 0 5/ 75).
وقال الفيروزآبادي رحمه الله:
" والطاغوت: اللات والعزى والكاهن والشيطان وكل رأس ضلال " (القاموس: طغا).
فـ: تأمل ..
كيف وصفوا الداعي إلى الضلال بالطاغوتية مع أنه لا يلزم منه أن يكون كافراً.
النقطة الثانية:
نص الشيخ ابن باز رحمه الله على عدم كفر كل طاغوت.
قال رحمه الله:
" فحدُّك أن تكون عبداً مطيعاً لله،
فإذا جاوزتَ ذلك فقد تعدَّيتَ وكنت طاغوتاً بهذا الشيء الذي فعلته ..
فقد يكون كافراً وقد يكون دون ذلك " (شرح الأصول الثلاثة، شريط 3، ب).
النقطة الثالثة:
وصف أهل العلم الجمادات بالطاغوتية.
قال ابن تيمية رحمه الله عن الطاغوت:
" وهو اسم جنس،
يدخل فيه الشيطان والوثن والكهان والدرهم والدينار وغير ذلك " (المجموع 16/ 565).
النقطة الرابعة:
نص الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على أن المعبود يوصف بالطاغوتية
ولو لم يرض باعتبار عبده لا بالنظر لذاته هو.
فقال - معلقاً على تعريف ابن القيم -:
" ومراده: من كان راضياً،
أو يقال: هو طاغوت باعتبار عابده وتابعه ومطيعه؛ لأنه تجاوز به حده.
فتكون عبادته لهذا المعبود واتتباعه لمتبوعه وطاعته لمطاعه: طغياناً؛
لمجاوزته الحد بذلك " (القول المفيد 1/ 30).
النقطة الخامسة:
إطلاق أهل العلم وصف الطاغوت على بعض أهل الذنوب.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
" والطواغيت كثيرة، والمتبين لنا منهم خمسة:
أولهم الشيطان، وحاكم الجور، وآكل الرشوة،
ومن عبد فرضي، والعامل بغير علم " (الدرر 1/ 137).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" وعلماء السوء الذين يدعون إلى الضلال والكفر، أو يدعون إلى البدع،
أو إلى تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله: طواغيت " (شرح الأصول الثلاثة، ص 151).
النقطة السادسة:
عدم وجود دليل على تكفير الطاغوت مطلقاً،
وهذا - وحده - كافٍ في إضعاف القول بتكفير كل موصوف بالطاغوتية.
أسأل الله لي ولك التوفيق.
ـ[أبومحمد الغريب]ــــــــ[31 - 07 - 08, 08:54 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
هذا أوان الشروع في المقصود
"سيكون كلام الاخ هناد-وفقه الله في الاقتباس"
أولاً:
الكفر بالطاغوت لا يلزم منه تكفيره،
فالكفر به يعني البراءة من ومن العمل الذي لآجله وصفناه بالطاغوت.
والآية جاءت بالكفر به، ولم تأت بتكفيره.
والواجب الاستدلال بالآية على ما جاءت به.
قلت: فكان ماذا؟
هل جعل هذا الطاغوت ليس مذموما بإطلاق كما قلت أنت؟
بل ظل مذموما في كل أحواله وحالاته
ومانوع العمل الذي لأجله وصفت بالطاغوت في كتاب الله؟
هل هي حاله كفريه أم لا؟
وهل ورد الطاغوت في القران إلا في الحاله الكفريه التي يجب على المسلم البراءه منه
الذي أقول به أنه (لا تلازم بين الوصف بالطاغوت وبين الكفر)،
وهذا لا يعني نفي الكفر عنه مطلقاً!
فقد يكون كافراً وقد لا يكون كافراً،
وذلك بعد النظر في الأمرين الذين ذكرتهما في ردي المتقدم.
¥