2 - والرحمة الأخرى مما يضاف إليه تعالى: رحمة مخلوقة، وإضافتها إليه هي من إضافة المخلوق إلى خالقه، ومن شواهدها قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله" [الروم50]، وقوله تعالى: "وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون" [آل عمران107]، وقوله سبحانه للجنة كما في الحديث القدسي: " أنت رحمتي أرحم بك من أشاء".
والرحمة المذكورة في الحديث هي الرحمة المخلوقة، وهي التي جعلها الله عز وجل في مائة جزء. والرحمة المخلوقة في الدنيا والآخرة هي أثر الرحمة التي هي صفته سبحانه وتعالى ومقتضاها. اهـ. والله أعلم.
[نفي صفة الصورة لله -جل وعلا-]
6 - في صفحة (64) قال: "الاعتراف بوجود خالق الكون يكاد يكون غريزة مركوزة في الفطرة و يكاد لا تكون لمنكريه-عتادا-نسبة عددية بين البشر. ولكن أكثر المعترفين بوجوده قد نسبوا إليه ما لا يجوز عليه ولا يليق بجلاله من الصاحبة و الولد و المادة و الصورة و الحلول و الشريك في التصرف في الكون و الشريك في التوجه و الضراعة إليه والسؤال منه و الإتكال عليه".اهـ
قوله: " ولكن أكثر المعترفين بوجوده قد نسبوا إليه ما لا يجوز عليه ولا يليق بجلاله من الصاحبة .. و المادة [7] و الصورة ... ". فيه نفي صفة الصورة لله -جل وعلا- موافقا بذلك أهل البدع من جهمية [8] وأشاعرة ونحوهم [9]، و معلوم عند أهل السنة و الجماعة أن صفة الصورة لله - جل في علاه - صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ بالأحاديث الصحيحة."ولا شك أن نفي هذه الصفة عن الرب تبارك و تعالى ينافي الإيمان بالأحاديث الواردة في ذلك" [10] منها:
- ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث الزهير عن عطاء بن يزيد الليثي أن أبا هريرة رضي الله عنه أخبره أن ناساً قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال عليه الصلاة والسلام (هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر) قالوا: لا يا رسول الله , وفيه (يجمع الله الناس يوم القيامة , فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعه , فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس , ويتبع من كان يعبد القمر القمر , ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت , وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون , فيقول: أنا ربكم , فيقولون: نعوذ بالله منك , هذا مكاننا يأتينا ربنا , فإذا جاء ربنا عرفناه , فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون , فيقول: أنا ربكم , فيقولون: أنت ربنا , فيتبعونه ... ).
ـ ومنها ما في الصحيحن و غيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم نحو حديث أبي هريرة الذي تقدم ذكره. وفيه: (فيأتيهم الجبار في صورته التي رأوه فيها أوَّلَ مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا…).
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى - في (نقض تأسيس الرازي): " .. لفظ (الصُّورة) في الحديث (إشارة لحديث أبي سعيد) كسائر ما ورد من الأسماء والصفات التي قد يسمى المخلوق بها على وجه التقييد، وإذا أطلقت على الله مختصة به؛ مثل العليم والقدير والرحيم والسميع والبصير، ومثل خلقه بيديه واستوائه على العرش ونحو ذلك".اهـ.
ـ وقال خطيب أهل السُنَّة ابن قتيبة –رحمه الله تعالى- في (تأويل مختلف الحديث):" والذي عندي – والله تعالى أعلم – أن الصُّورة ليست بأعجب من اليدين والأصابع والعين، وإنما وقع الإلف لتلك لمجيئها في القرآن، ووقعت الوحشة من هذه لأنها لم تأت في القرآن، ونحن نؤمن بالجميع، ولا نقول في شيء منه بكيفية ولا حدٍّ ".اهـ
ـ قال الشيخ العلامة الدكتور تقي الدين الهلالي – رحمه الله تعالى -: " و الحق الذي عليه أهل السنة من الصحابة و التابعين و الأئمة المجتهدين، ومن تبعهم بإحسان؛ الإيمانُ بكل ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه و سلم، مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين، فيقولون: إن لله وجها و عينين و يدين و قدمين و أصابع، وكذلك له صورة و علم و سمع و بصر و غير ذلك من الصفات، لا تشبه صفات الخلق" [11].اهـ
[موافقته للمرجئة في باب منزلة العمل من الإيمان]
¥