1 - في صفحة (199) السطر (19إلى22): قال: " الإيمان هو التصديق الصادق المثمر للأعمال".اهـ، وقال في صفحة (303) السطر (17إلى21): "الإيمان: عندما يذكر مع الأعمال يراد به تصديق القلب و يقينه و اطمئنانه بعقائد الحق. والعمل الصالح: هو العمل الطيب المشروع من طاعة الله على العباد سواء كان من عمل الباطن وهو عمل القلب أو من عمل الظاهر وهو عمل الجوارح، و العمل الصالح من ثمرات الإيمان الدال وجودها على وجوده و كمالها على كماله و نقصها على نقصه وعدمها على اضطرابه و وشك انحلاله واضمحلاله".اهـ
و في كلامه هذا أغلاط ثلاثة ملخصها في نقاط:
أ - تعريفه للإيمان بالتصديق الصادق و بالتصديق القلبي و يقينه.
ب - جعله العمل الصالح من ثمرات الإيمان، سواء كان من عمل الباطن وهو عمل القلب أو من عمل الظاهر وهو عمل الجوارح.
ت - و أن انعدامه – أي العمل الصالح - دليل على اضطراب إيمان صاحبه و وشك انحلاله و اضمحلاله.
وهذه الأقوال قد وافق بها الشيخ بن باديس-رحمه الله تعالى- أهل البدع من مرجئة الأشاعرة وغيرهم وبيانه كالتالي:
ـ أولاً: تعريفه للإيمان بالتصديق الصادق و بالتصديق القلبي و يقينه؛ فيه قصور وهو مخالف لتعريف الإيمان الشرعي عند أهل السنة و الجماعة والذي هو: (تصديق بالقلب وعمل بالجوارح وقول باللسان) و العمل عند أهل السنة والجماعة ركن من أركان حقيقة الإيمان [12]، قال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -[شرح أصول الاعتقاد للالكائي:5/ 886): "وكان الإجماع من الصحابة والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم: أن الإيمان قول وعمل ونية، لا يجزئ واحد من الثلاثة إلا بالآخر". وانظر [مجموع الفتاوى: 7/ 308].اهـ
وقال ابن أبي زمنين - رحمه الله تعالى- في كتابه (أصول السنة:207):"الإيمان بالله هو: باللسان والقلب، وتصديق ذلك بالعمل، فالقول والعمل قرينان لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه".اهـ
وقال الحافظ ابن أبي زيد القيرواني مالك الصغير- رحمه الله تعالى - (كما في اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم:150،152):"فصل فيما أجمعت عليه الأمة من أمور الديانة ومن السنن التي خلافها بدعةٌ وضلالة: ... وأن الإيمان قول باللسان وإخلاص بالقلب وعمل بالجوارح، يزيد ذلك بالطاعة، وينقص بالمعصية نقصاً عن حقائق الكمال لا محبط للإيمان، ولا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بموافقة السنة".اهـ
وقال الإمام الآجري - رحمه الله تعالى - في كتابه (الأربعين حديثاً:135):"الذي عليه علماء المسلمين أن الإيمان واجب على جميع الخلق: وهو التصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح ... لا تجزئ معرفة بالقلب والنطق باللسان حتى يكون معه عمل بالجوارح".اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في (شرح العمدة:2/ 86): "الإيمان عند أهل السنة و الجماعة: قولٌ و عملٌ كما دل عليه الكتاب و السنة و أجمع عليه السلف، و على ما هو مقرر في موضعه. فالقول تصديق الرسول، و العمل تصديق القول. فإذا خلا العبد عن العمل بالكلية لم يكن مؤمناً ". اهـ
ـ ثانياً وثالثاً: جعله العمل الصالح من ثمرات الإيمان مبني على قوله أنَّ الإيمانَ الذي في القَلبِ يَكونُ تامّاً بِدونِ شيءٍ من الأعمالِ [13]، فمن ضيع الأعمال لم يخرج من دائرة الإيمان [14]، وانعدامها دال على اضطرابه و وشك انحلاله واضمحلاله [15]، وهذا الكلام غلط وقد وافق به أهل البدع من المرجئة:
ـ قالَ شيخُ الإسلامِ ابن تيميَّة – رحمه الله تعالى -: ((الوجهُ الثاني من غَلطِ المرجئةِ: ظنُّهم أنَّ ما في القَلبِ من الإيمانِ لَيسَ إلا التصديق فَقَط دونَ أعمالِ القُلوبِ، كما تَقدَّم عن جَهميَّة المرجئةِ، الثالث: ظنُّهم أنَّ الإيمانَ الذي في القَلبِ يَكونُ تامّاً بِدونِ شيءٍ من الأعمالِ، ولهذا يَجعَلونَ الأعمالَ ثَمَرةَ الإيمانِ وَمُقتضاهُ بِمَنزِلةِ السَّببِ مع المسبّبِ، ولا يَجعَلونَها لازِمةً لهُ، والتحقيقُ أنَّ إيمانَ القلبِ التَّامِّ يَستَلزِمُ العملَ الظاهرَ بِحَسَبِهِ لا مَحَالةَ، وَيَمتَنِعُ أن يَقومَ بالقلبِ إيمانٌ تامٌّ بِدونِ عَمَلٍ ظاهرٍ)) [16].
¥