تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[12 - 03 - 09, 11:15 ص]ـ

مثال آخر: ومن الورع الأخذ بالقول المشهور والمعتمد والموثوق، والأخذ من الأصول والأمهات، وطرح الشاذ والمحتمل والغريب من الروايات والأقوال والكتب، قال ابن عبد البر المالكي (جامع بيان العلم وفضله، ص: 785): "أخبرني أبو القاسم خلف بن القاسم، حدثنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا ذو النون بن أحمد بن إبراهيم بن صالح قال: حدثنا عبد الباري بن إسحاق بن أخي ذي النون بن إبراهيم عن عمه أبي الفيض ذي النون بن إبراهيم إنه سمعه يقول: من أعلام البصر بالدين معرفة الأصول لتسلم من البدع والخطأ، والأخذ بالأوثق من الفروع احتياطا لِتأْمن".

وكان سحنون يقول: ما اعتكف رجل على المدوّنة (كتاب في الفقه المالكي) ودراستها إلا عرف ذلك في ورعه وزهده، وما عدّاها أحد إلى غيرها إلا عرف ذلك فيه، وكان يقول: إنما المدونة من العلم بمنزلة أم القرآن من القرآن؛ تُجزئ في الصلاة عن غيرها، ولا يجزئ غيرها عنها.

مثال على الفقه المالكي:

يراد بالقول المشهور والراجح عند المالكية قولَ المدوَّنة التي حوت ستٍّ وثلاثين ألف مسألة، وجمهور المالكية على أنه إذا اختلفت الأقوال يقدّم قول مالك لأنه إمام المذهب، ثم قول ابن القاسم المذكور في المدونة خاصة، ثم يقدم قول غيره المذكور في المدونة، وإذا كان لمالك قولان عمل بالمتأخر منهما إن علم ذلك المجتهد المرجِّح؛ فإن لم يكن من أهل الترجيح قدم قول الأعلم الورِع على الأورع العالم، وإن لم يعلم توقف؛ وإذا اختلف الفقهاء المصريون والمدنيون قدم المصريون كابن وهب وابن القاسم، وإذا اختلف المغاربة والعراقيون قدم المغاربة كابن أبي زيد وابن القابسي، وإذا اختلف المدنيون والمغاربة قدم المدنيون كمطرّف وابن الماجشون؛ ولا يكون الإفتاء إلا من الكتب المشهورة الموثوق بها - كمختصر خليل - دون الكتب الغريبة والحديثة التي لا عَزْوَ فيها فإنه يحرم الفتوى منها.

والمشهور عند المالكية ثلاث:

1. ما قوى دليله فيكون بمعنى الراجح؛

2. ما كثر قائله (أكثر من ثلاثة فقهاء) فهو المعتمد؛

3. رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة.

ثم اختلفوا هل يقدم ما كثر قائله (المعتمد) أو ما قوي دليله (الراجح)؟ الراجح بالاستقراء الثاني، وإذا تعارض قول مشهور وآخر قيل عنه أنه "الأصح"، يقدم الثاني ويُفتى به، وإذا كان القول مشهورا وراجحا لم يقدم عليه غيره.

هذا كله فيمن لزمه التقليد، أما من بلغ رتبة الاجتهاد والنظر في الأدلة وإعمال قواعد المذهب فله مخالفة المشهور كابن العربي وابن رشد رحمهم الله، ويمكن للمقلد والحاكم أن يفتي ويعمل باختياراتهم إذا اقتضت المصلحة أو العرف ذلك.

وبالجملة فصور العمل بأحد القولين محصورة في ستة:

1 - المشهور مقابل الغريب: يقدم المشهور لشهرته؛

2 - الراجح مقابل الضعيف: يقدم الراجح لرجحانه؛

3 - الراجح مقابل المشهور: يقدم الراجح لرجحانه؛

4 - المشهور أو الراجح مقابل الغريب أو الضعيف: يقدم المشهور أو الراجح؛

5 - المشهور والراجح مقابل الراجح: يقدم المشهور والراجح لاجتماع الشهرة والرجحان؛

6 - المشهور والراجح مقابل المشهور: يقدم المشهور والراجح لاجتماع الشهرة والرجحان؛

وإذا قيل: الأصوب كذا، أو الأصح كذا، أو الأظهر كذا، أو العمل على كذا قدم على غيره.

مثال: الاقتصار في ركعتي الفجر على الفاتحة مشهور، لكن المتأخّرين ضعّفوا ذلك ورجحوا قراءة الفاتحة بالسورة لقوة أدلته، وكالدّلك في غسل الجنابة، المشهور أنه واجب لذاته، ومقابله أنه واجب لإيصال الماء للبشرة؛ فيقدم المشهور على مقابله.

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[12 - 03 - 09, 11:23 ص]ـ

أمثلة أخرى على الورع:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير