تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال: إذا دخلت غرناطة أو قرطبة أو غيرهما من المدن التي كانت مساكن العرب, حسبت نفسك في مدينة عربية. فان ديار العرب ومبانيهم هنالك مازالت على حالتها الإسلامية الأولى, ولم يكد يتغير منها شيء. وآثار العرب موجودة هنالك في كل مدينة وفي كل قرية من ديارهم. وإذا كان الحجاب هو فصل ما بين الرجل والمرأة, فان اشبيلية وغيرها اليوم لا يختلط فيها الرجال بالنساء. ففي المقاهي يجلس النساء في ناحية لهن خاصة بالنساء, وفي الأفراح البلدية يبقى النساء في مركباتهن وعرباتهن, يتفرجن ويستمعن الغناء من بعيد. وفي الشوارع (في اشبيلية) لا يخاصر الرجل امرأته, بل يمشي أمامها, وتمشي هي وراءه, وما زالوا يزورون مقابر الأولياء والصالحين وأضرحتهم التي في كل حومة واحد منها, وهي أضرحة في الأصل إسلامية. وهم يطيبونها إلى الآن بالبخور كما يفعل المسلمين.

فقلت له: وأنا أيضاً رأيت في بعض دور الصور المتحركة منظراً لسرب من الفتيات الإسبانيات, وهن في حفلة عرس, فرأيتهن يضربن بخمرهن على جيوبهن, ويدنين عليهن من جلابيبهن, ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها. ورأيتهن في هيئة من الحجاب تشبه هيئة كثيرات من العربيات المسلمات اللائي تراهن في قرى الجزائر وتونس والمغرب الأقصى.

وكان أحد الإسبان واسمه (بن حفص) ( bin hafs) ( وهو ضابط في جيش الإسبان برتبة قومندان) إذا وجد كتاباً عربياً بكى بكاء مراً على مجد المسلمين وسلطانهم في الأندلس. وكان يقول: (لو أن الإسلام يعود إلى الأندلس من جديد, لما كان في ذلك أكثر من أن يسمي أهل الأندلس اليوم أنفسهم مسلمين .. ) يعني أن الأندلس متهيئة بطبيعتها و بحالتها الحاضرة وبعقليتها لقبول الإسلام وللترحيب به من جديد, لو كان لهذا الإسلام دعاة ومبشرون. والأستاذ محداد يستبعد نجاح التبشير الإسلامي في إسبانيا لما للكنيسة هناك من سلطة قوية على العامة. ويعترف بأن في إسبانيا من يتمنى لامته أن تكون أمة مسلمة حتى تعود إليها حضارتها العربية الأولى, وحتى تكون رأس الأمم الإسلامية, ولا يستبعد أن تنجح الدعوة الإسلامية في إسبانيا بين طبقة الأدباء والمفكرين.

و اتفقنا أخيراً على أن الإسلام في حاجة شديدة إلى دعاية وتبشير, في نفس بلاد الإسلام, وفي سائر بلاد الله. و اتفقنا أيضاً على أن هذه الدنيا كلها في حاجة إلى أن يرحمها الله بهداية هذا الإسلام: هذا الدين القيم الحنيف.

"ذيل"

عقب نشر هذا الفصل وردت على صحيفة (الفتح) الكلمة الآتية من أحد كبار أساتذة الطب في دمشق, فألحقناها به لأهميتها:

في الأندلس المسيحية

والحجاب موجود أيضاً!

لقد جاء في مقال الفاضل الأستاذ السيد محمد السعيد الزاهري المنشور في العدد10228 من صحيفة الفتح الغراء (1) أن أمورا كثيرة لم تزل في الأندلس عربية إسلامية, حتى قال عن لسان صديقه السيد عبد القادر محداد (وإذا كان الحجاب هو فصل ما بين الرجل والمرأة, فإن اشبيلية وغيرها لا يختلط فيها الرجال بالنساء ... ) وإني لأزيد على ذلك بأن الحجاب نفسه مازال موجوداً في بعض زوايا الأندلس كما جاء في كتاب (غير المشهور من اسبانيا) في الصفحة (90) وهو رسم امرأة متحجبة الحجاب الشرعي الذي كان مستعملاً في بلادنا كلها فبل سنين قليلة والذي لم يزل في المستمسكات بعرى الدين المتينة في جميع البلاد الإسلامية, وقد كتب تحت هذا الرسم بخمس لغات (الألمانية والإسبانية والإيطالية والإنكليزية والإفرنسية) ما مؤداه بالحرف: إحدى النساء المسيحيات اللاتي لم يزلن إلى الآن متحجبات كما كن في عصر عرب الأندلس.)

فالرجاء نشر ما ذكر ليكون ذيلا للمقال المذكور وخدمة للتاريخ والحقيقة, والسلام عليكم.

دمشق (قارئ)

ــــــــــ

يتبع بإذن الله تعالى في الحلقة التالية بعنوان: " حنين الإسبان إلى العرب " ...

ـ[فريد المرادي]ــــــــ[15 - 09 - 08, 08:26 م]ـ

الأخ الكريم عبد الحق: بارك الله فيكم على هذا النقل الموفق، ورحم الله الأستاذ الزاهري رحمة واسعة ...

وهذه نبذة مختصرة عنه:

هو فضيلة الشيخ الأديب الشَّاعر محمَّد السّعيد الزاهرى من مواليد 1899م بليشانة مدينة بسكرة (جنوب شرق الجزائر)، درس في مدينة قسنطينة وتتلّمذ على يد الإمام عبد الحميد بن باديس رحمه الله، ثمّ انتقل إلى تونس وأصدر عدّة جرائد منها: " الجزائر " و " البرق " و " الوفاق "، وكان من مؤسسي المدرسة الإصلاحية وأحد أعلام الجزائر البارزين، الّذين كثرت كتاباتهم في ردّ بدع المتصوفة وبيان مجازفاتهم، حتّى أوذي في سبيل ذلك واعتدى عليه بالضّرب المبرّح بمدينة وهران محلّ إقامته في ربيع الثاني سنة (1352هـ - 1933م).

من مقالاته النفيسة:

- اعترافاتُ طرقيٍ قديم

- حاضر تلمسان

- الدكتور طه حسين شعوبي ماكر

- السنّة عند النّساء الجزائريّات

- شؤون وشجون، وغيرها ....

توفى - رحمه الله - سنة 1956م

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير