إخواني الأفاضل لقد تيسر لي الوقوف على كلام ماتع للشيخ السعدي في مسألة الأسباب و هو كلام مفيد جدا.
ذكره الشيخ رحمه الله تعالى في كتابه - القول السديد شرح كتاب التوحيد - في باب من الشرك لبس الحلقة و الخيط و نحوهما لرفع البلاء أو دفعه.
فمن استطاع منكم رفع كلامه ففيه فوائد جليلة.
إن لم يرفع فسأحاول رفعه في المساء لأنني مشغول الآن.
نسأل الله التوفيق.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في "القول السديد شرح كتاب التوحيد":
باب
من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه
وهذا الباب يتوقف فهمه على معرفة أحكام الأسباب.
وتفصيل القول فيها: أنه يجب على العبد أن يعرف في الأسباب ثلاثة أمور:
أحدها: أن لا يجعل منها سببا إلا ما ثبت أنه سبب شرعا أو قدرا.
ثانيها: أن لا يعتمد العبد عليها، بل يعتمد على مسببها ومقدرها، مع قيامه بالمشروع منها، وحرصه على النافع منها.
ثالثها: أن يعلم أن الأسباب مهما عظمت وقويت فإنها مرتبطة بقضاء الله وقدره لا خروج لها عنه، والله تعالى يتصرف فيها كيف يشاء: إن شاء أبقى سببيتها جارية على مقتضى حكمته ليقوم بها العباد ويعرفوا بذلك تمام حكمته حيث ربط المسببات بأسبابها والمعلولات بعللها، وإن شاء غيرها كيف يشاء لئلا يعتمد عليها العباد وليعلموا كمال قدرته، وأن التصرف المطلق والإرادة المطلقة لله وحده، فهذا هو الواجب على العبد في نظره وعمله بجميع الأسباب.
إذا علم ذلك فمن لبس الحلقة أو الخيط أو نحوهما قاصدا بذلك رفع البلاء بعد نزوله، أو دفعه قبل نزوله فقد أشرك، لأنه إن اعتقد أنها هي الدافعة الرافعة فهذا الشرك الأكبر. وهو شرك في الربوبية حيث اعتقد شريكا مع الله في الخلق والتدبير.
وشرك في العبودية حيث تأله لذلك وعلق به قلبه طمعا ورجاء لنفعه، وإن اعتقد أن الله هو النافع الرافع وحده ولكن اعتقدها سببا يستدفع بها البلاء فقد جعل ما ليس سببا شرعيا ولا قدريا سببا، وهذا محرم وكذب على الشرع وعلى القدر.
أما الشرع فإنه ينهى عن ذلك أشد النهي، وما نهى عنه فليس من الأسباب النافعة.
وأما القدر فليس هذا من الأسباب المعهودة ولا غير المعهودة التي يحصل بها المقصود، ولا من الأدوية المباحة النافعة. وكذلك هو من جملة وسائل الشرك فإنه لا بد أن يتعلق قلب متعلقها بها، وذلك نوع شرك ووسيلة إليه.
فإذا كانت هذه الأمور ليست من الأسباب الشرعية التي شرعها على لسان نبيه التي يتوسل بها إلى رضاء الله وثوابه، ولا من الأسباب القدرية التي قد علم أو جرب نفعها مثل الأدوية المباحة كان المتعلق بها متعلقا قلبه بها راجيا لنفعها، فيتعين على المؤمن تركها ليتم إيمانه وتوحيده فإنه لو تم توحيده لم يتعلق قلبه بما ينافيه، وذلك أيضا نقص في العقل حيث تعلق بغير متعلق ولا نافع بوجه من الوجوه، بل هو ضرر محض.
والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين، وعلى تكميل عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات، والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول، المزكية للنفوس، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها والله أعلم.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[27 - 02 - 09, 10:57 ص]ـ
لو سألتك عن هذا المثال فما حكمه مع الدليل:
لو قال أهل الإختصاص أن نوع من المهدءات لا تنفع ولا تضر فقال رجل أجربه والله هو الشافي؟
هل هو شرك أم لا
(ملاحظة: أتمنى ألا تشرح فقط جواب مختصر)
الرجل يريد أن يجربه ليرى إذا كان ينفع أم لا
يعني يريد أن يرى إذا كان سببا قدريا أم لا
والكلام في السبب والشرك الأصغر متعلق بشيء قد جربه ووجده غير نافع (أي ليس سببا)
وهنا هو لم يجربه بعد ويريد تجريبه
ولا أظن لكلام الأطباء في هذه المسألة، لأنهم ليسوا معصومين من الخطأ
والله أعلم
وقد رأيت في برنامج وثائقي قديما طبيبا كان لديه مريض، طفل مولود جديد يحتاج إلى قلب
لكن لم يحصل الطبيب على قلب صغير يناسب ذلك الطفل بنفس فصيلة الدم
والذي حصل عليه هو قلب من فصيلة دم أخرى
وقال الطبيب بأنه من الأشياء التي يتعلمونها في الطب هو أنه لا يمكن نقل قلب له فصيلة دم مختلف عن فصيلة دم المريض، يعني هذا شيء مسلم عند الأطباء
ولكن هذا الطبيب قال في نفسه "إذا تركته فسيموت فليس هناك قلب متوفر بحجمه لنفس الفصيلة، يعني ميت ميت"، فقرر أن يضع له القلب الذي بفصيلة مختلفة.
وتفاجأ الجميع بأن القلب اشتغل مع هذا الطفل ولم يؤثر اختلاف فصيلة الدم
وكان السبب هو أن الطفل عمره أقل من 3 أشهر، وفي الثلاث الأشهر الأول، جسم الطفل ليس فيه مناعة.
فكبر ذلك الطفل وأصبحت لديه فصيلتان من الدم، فصيلته، وفصيلة القلب.
سبحان الله
فانظر هنا، هو فعل شيئا مخالفا لشيء مسلم عند الأطباء، وقد نفع هذا الأمر
وهنا لم يكن هناك مخاطرة لأنه إن لم يفعل أي شيء فالطفل سيموت (بتقدير الله عز وجل طبعا)
ثم سؤال: هل هناك سبب يجعل ذلك الرجل يختار هذا الدواء بالذات ليجربه على مرض معين؟
أم هو يجرب كل الأدوية ليرى إذا كانت تنفع مع هذا المرض أم لا؟ أم ماذا؟
فالغالب أن الإنسان يجرب شيئا معينا على مرض معين لسبب، يعني فيها مكونات يظنها ربما تنفع، أو لسبب آخر.
¥