تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال في المقدمات الممهدات 1/ 20 - 21 بعد أن ذكر عشر من الصفات أجمع أهل السنة عليها عنده وهي الصفات السبع المعروفة بالإضافة لصفة إدراك الشم والذوق واللمس! ثم ذكر ان إثبات العينين والوجه واليدين هو قول المحققين ثم نفى بعض الألفاظ المجملة ثم قال: ((فعلى هذا تأتي صفات ذاته خمس عشرة صفة)) ثم قال:

((واختلفوا فيما وصف به نفسه من الاستواء على العرش، فمنهم من قال إنها صفة فعل بمعنى أنه فعل في العرش فعلاً سمى به نفسه مستوياً على العرش. ومنهم من قال إنها صفة ذات من العلو، وأن قوله استوى بمعنى علا، كما يقال استوى على الفرس بمعنى علا عليه. وأما من قال أن الاستواء بمعنى الاستيلاء فقد أخطأ لأن الاستيلاء لا يكون إلا بعد المغالبة والمقاهرة، والله يتعالى عن أن يغالبه أحد.

وحمل الاستواء على العلو والارتفاع أولى ما قيل، كما يقال استوت الشمس في كبد السماء أي علت، ولا يمتنع أن يكون صفة ذات وإن لم يصح وصفه تعالى بها إلا بعد وجود العرش كما لا يوصف بأنه غير لما غايره إلا بعد وجود سواه.)) انتهى

وفي هذا النص:

1 - إثباته لعلو الله سبحانه على العرش العلو الذاتي وذكر أكثر من مثال للمعنى المراد بحيث لم يترك مجالا للقرمطة، فقال: كما يقال استوى على الفرس بمعنى علا عليه،،و كما يقال استوت الشمس في كبد السماء أي علت، ومراده واضح لا شك فيه.

2 - ومع هذا فهو-كسائر الكلابية مثبتة العلو- لا يرى أن هذا يقتضي قيام معنى متجدد به بل هو فوق العرش حقيقة من غير قيام معنى حادث بل هي نسبة وإضافة قال ((فلا يمتنع أن يكون صفة ذات وإن لم يصح وصفه تعالى بها إلا بعد وجود العرش كما لا يوصف بأنه غير لما غايره إلا بعد وجود سواه!)) وكما -أيضاً -لا يسمع –عند جمهورهم- الصوت إلا بعد وجود الصوت والمتجدد نسبة وإضافة عدمية!! وهذا باطل لا شك فيه وهومن أباطيل الكلابية وإثباته للعلو حق لا شك فيه وهو من حسنات الكلابية لكنه تجسيم أو تشبيه عند متأخري الأشعرية!!.

3 - الخلاف المذكور في كلامه إنما هو خلاف أهل الكلام أما أئمة أهل السنة كإمامه مالك وأحمد والشافعي ومن قبلهم من صحابة وتابعين ومن بعدهم من أئمة أهل السنة ممن لم يتلطخ بدخن الكلام وأهله فليس عندهم في هذه المسألة إلا قول واحد والحمد لله على نعمة الهداية.

4 - ذكر أن بعضهم قال إنها صفة فعل وبين مرادهم بصفة الفعل فقال: بمعنى أنه فعل في العرش فعلاً سمى به نفسه مستوياً على العرش! وفيه ما فيه فإنه إن كان الذي قام به الفعل هو العرش فيصبح الفعل صفة العرش لأن من المستقر في فطر الناس أن من قام به العلم فهو عالم ومن قامت به القدرة فهو قادر ومن قامت به الحركة فهو متحرك ومن قام به التكلم فهو متكلم ومن قامت به الإرادة فهو مريد وقال أهل السنة إذا كان الكلام مخلوقا كان كلاما للمحل الذي خلقه فيه كسائر الصفات فهذه القاعدة مطردة وكذلك فيه أن الفعل هو المفعول وهذا باطل.

وقد أغضب كلام ابن رشد الجد هذا في مسألة الاستواء بعض أشعرية عصره فصنف أحدهم في الرد عليه فقد ذُكر في الديباج المذهب والإحاطة في أخبار غرناطة أن معاصره محمد بن خلف موسى المتكلم-وهو أشعري متيم بالجويني- قد رد عليه بمصنف سموه " الرد على أبي الوليد بن رشد في مسألة الاستواء الواقعة في الجزء الأول من مقدماته"

هذا موقفه في المقدمات أما في كتابه البيان والتحصيل ففي الجزء 16/ 368 - 369 في شرح قول مالك في الاستواء تعرض لهذه المسألة وتكلم بمثل ما تكلم به هناك فذكر ان معنى الاستواء العلو كما يقال استوى فلان على العرش أي علا عليه واستوت الشمس في كبد السماء علت، وضعف قول من قال إنه الاستيلاء او فعل فعلاً في العرش أو القصد، وذكر أن العرش أعلى المخلوقات مكاناً وهو أشرفها مرتبة فإذا كان الله أعلى منه فهو أعلى من كل شيء دون العرش في الارتفاع والعلو والشرف والرتبة وفي هذا جمع حسن بين علو الذات وبين علو الشرف والرتبة ولا يظن ظان أنه ينفي علو الذات فكلامه صريح جداً في إثبات هذا. وقد نفى الجلوس والمماسة والتحيز والصواب السكوت عن ما سكت الشارع عنه والابتعاد عن الألفاظ المجملة ويكفي في تنزيه الله عن النقائص قوله تعالى: ((ليس كمثله شيء)).

ملاحظة: وقع في البيان والتحصيل 16/ 402 ذكر آية الاستواء وكذلك النظر ((وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ () إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)) ضمن آيات مما يقتضي ظاهرها التشبيه! ومما تتأول! ولا أدري هل هي وهلة، وسبق قلم أم لعله يعني الظاهر الفاسد عنده كالجلوس والمماسة وإلا فآية النظر-على سبيل المثال- قد استدل بها ابن رشد في 18/ 480 على إثبات الرؤية وذكر أنها على الحقيقة لا المجاز! وقد كرر هذا مع الاستواء أيضاً في 18/ 506 وقد يكون لابن رشد في المسالة قولان قول بالإثبات وآخر وافق فيه النفاة في بعض ثنايا قوله وهذا غير مستحيل وإن كان بعيداً لكن قوله بالإثبات واضح وضوح الشمس والله اعلم.

.

[/ COLOR][/FONT]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير