تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- فلا تصح نسبة هذه الأقوال له مطلقا سواء كانت صحيحة أو باطلة أو راجحة أو مرجوحة لأنه في الحقيقة يحكيها على لسان غيره وهي وإن اتفقت في النتائج أحيانا مع العقل أو الشرع أو كانت قريبه منهما فليست في تقريرها على منهج الكتاب والسنة الذي يتبعه الأئمة وابن تيمية بل على منه أهل الكلام المحدث فلا تلزمه ...

- بل لو كانت من كلامه هو نفسه وجاءت في سياق المناظرة والمحاورة فلا يصح أيضا الجزم بنسبتها إليه لأنها ليست في إيرادها على سبيل التقرير والتحرير بل في مقام المعارضة والمناظرة مع ما فيها من وجوه الرد والإلزام والتنزل والمحققون من أهل العلم والإنصاف يقررون هذا ويعتمدونه ولكن الأستاذ فودة الذي يزعم التدقيق والتحقيق والاطلاع الواسع لا يأبه بذلك ويضرب به عرض الحائط أملا في الحصول على ما يدعيه نصا صريحا وإمعانا في التلبيس والكذب على البسطاء ..

- فكيف إذا قرره رحمه الله ذلك بنصه وقوله وقد نقلته في مقدمات هذا البحث وأذكر به هنا حيث قال:

( .. ونحن نورد من كلامهم (أي المثبتين) ما يتبين به أن جانبهم أقوى من جانب النفاة وليس لنا غرض في تقرير ما جمعوه من النفي والإثبات في هذا المقام بل نبين أنهم في ذلك أحسن حالا من نفاة انه على العرش فيما جمعوه من النفي والإثبات وقد أجاب هؤلاء عما ألزمهم النفاة من التجسيم الذي هو التركيب والانقسام .... ) بيان تلبيس الجهمية ج: 2 ص: 63

فهل بعد هذا الكلام الواضح من شيخ الإسلام رحمه الله تصح نسبة هذه الأقوال إليه ويتبجح بأنها نصوص صريحة وواضحة؟!!!

- هذا وإن أصل المسالة التي يدور حولها الكلام هو انحصار الموجودات في المباين والمحايث وادعاء الرازي بأن ثمة قسم ثالث موجود (لا داخل العالم ولا خارجه) ورد المثبتين عليه بامتناع وجود هذا القسم ...

وهذا في الحقيقة موضع واحد ومسالة واحدة جعل منها الأستاذ عدة نصوص تكثرا منه ...

فالرازي يزعم أن القول بمنع هذا الموجود هو من حكم الوهم والخيال ولم يقم على ذلك دليلا إلا ادعاءه بأن هذا الموجود موجود.

فإذا كان الحكم بوجود موجود لا داخل العلم ولا خارجه حكما عقليا كليا فما الذي يجعل القول بامتناعه من حكم الوهم والخيال؟ لماذا لا يكون العكس هو الصحيح؟.

فيكون القول بانحصار الموجودات بالمباين والمحايث هو الأصل الكلي الصحيح، ويكون ادعائك قسم ثالث موجود لا داخل العلم ولا خارجه هو من حكم الوهم والخيال؟ لا سيما وأنت لم تقم دليلا على دعواك.هذا هو مسار الحوار وفكرته الأساسية.

وحيث أن الأستاذ فودة لم يتعرض في شرحه الطويل لأصل الموضوع ولم يبين كيف اتفق هؤلاء وكيف اختلفوا فنحن أيضا نعرض عن تفصيل القول فيه إلى نهاية البحث ونكتفي فقط بكشف حيله وألاعيبه فيما يدعيه نصوصا واضحة وصريحة.

يقول الأستاذ فودة:

"ألا يعلم ابن تيمية أن الوهم ما هو إلا ملتقى الحواس أي ملتقى الصور الحسية وفي الوهم يحصل تركيب الصور الشخصية التي تصله عن طريق الحواس الخمس فكيف يقول بعد ذلك ان ما لا يدرك بالوهم فلا يمكن أن يكون موجودا أليس هذا هو عين مذهب الزنادقة الذين قالوا: بما أننا لا نستطيع أن ندرك الله بالحواس فلا يمكن أن يكون الله موجودا ""

- وأقول إن الأستاذ المتحاذق لا يعلم اصطلاح قومه في لفظ الوهم والخيال أو أنه يريد أن يوهم القارئ بأن الوهم والخيال المذكور هو ما يتعارف عليه لدى العامة من الأوهام والخيالات والكوابيس المزعجة!

فمن يسمع كلمة الوهم والخيال يظن أنها على معناها الدارج في كلام الناس كما يقال رجل ذو أوهام وخيالات يعني رجل مجنون أو واهم مخطئ وليس المعنى هو ذا في اصطلاح

القوم الذي يخاطبهم به ابن تيمية ...

، فإن الوهم في اصطلاح القوم قوة في النفس تدرك في المحسوسات معان ليست بمحسوسة كادراك معنى العداوة والصداقة كما تدرك معاني العلوم المنقولة بالخبر وليست هي ملتقى الصور الحسية كما يزعم الأستاذ المتحاذق بل ملتقى الصور هو الخيال أو قوة التخييل.

فالوهم والخيال عند القوم مرحلة تتوسط بين المحسوس والمعقول ...

وهي إما أن تتطابق المحسوس فيكون حكمها مطابقا صحيحا وحقا أو لا تطابقه فيكون حكمها توهما وتخيلا باطلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير