تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقوله أن الوهم والخيال " يثبت كذا أو كذا " فهو لا " يثبت " بذاته كما يوهم كلام الأستاذ المتحاذق ولكنه يثبت تبعا لما يتلقاه من الحواس والإخبار ...

فإن طابق حكمه حكمهما فحينها يقال إن الوهم والخيال " يثبت " أو له تعلق وعندئذ لا يسمى وهما ولا خيالا بل يسمى علما وحقا وفقها ...

أما إن لم يطابق حكمه حكمهما فهو حكم باطل وظن فاسد ويسمى عندئذ وهما وخيالا ...

فالتحقيق أن لفظ الوهم والخيال له اصطلاح وله استعمال ولكن يغلب الاستعمال على الاصطلاح لذا لا يفهم الكثير من الناس إلا المعنى الدارج الذي أراد الأستاذ فودة أن يصل إلى القارئ حينما يقول إن ابن تيمية يتوهم ربه ويتخيله ولكن الأمر مجرد تشنيع رخيص وأسلوب ماكر يتبعه هذا الأستاذ المحتال.

–فهذه المصطلحات في استعمالها كلفظ الاعتقاد ليس بالضرورة أن يكون صحيحا وإن كان جازما، فقد يطابق الحق في نفسه فيكون علما واعتقادا صحيحا وقد يخالفه فيكون جهلا واعتقادا باطلا ...

فإذا قيل الوهم والخيال يثبت كذا فإنما يقصد به الوهم والخيال الحق المطابق للحقيقة لا الخيال والوهم الغير مطابق والذي هو بالمعنى الدارج الذي سبقت الإشارة اليه.

- إذا علم ذلك فإن معنى القول أنهم اتفقوا على أن الوهم والخيال لا يتصور موجودا إلا متحيزا أو قائم بالمتحيز هو مبني على ما ثبت من الأخبار من أنه موجود وأن له نفس و ذات وقائم بنفسه ...

- فلما ثبت ذلك عندهم لم يتصوروا على أساسه وجود موجود إلا أن يكون مباينا أو محايثا حيث أن القائم بنفسه لا يكون إلا مباينا لغيره لا يكون حيث يكون قائما بنفسه أخر بخلاف القائم بغيره ...

- فإذا انحصر الوجود في القائم بنفسه والقائم بغيره فقد انحصر في المباين والمحايث وليس هذا من حكم الوهم والخيال المستقل بذاته- إن صح وصفه أنه كذلك - بل من حكم الوهم والخيال المطابق والتابع لما تلقاه من الحس والشرع بأن الله سبحانه موجود وثابت وله نفس وذات وقائم بنفسه ...

ثم قال:

(وأيضا فإن أصل المسالة هي، هل يمكن أن ندرك الله بحواسنا ونتوهمه بوهمنا فابن تيمية يقول نعم يمكن ذلك، ويستدل على ذلك بنفس الوهم والتخيل وهو مصادرة على المطلوب كما ترى)

فنقول له: أما الإحساس به سبحانه فنعم ..

فإن الإحساس هو موجب العلم الصحيح وأصله الإبصار كما قال تعالى: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا) وقال سبحانه على لسان يعقوب: (يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه) وقال تعالى: (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله) وقال النبي صلى الله عليه و سلم (كما تنتج البهيمة بهمية جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء) ولقد ثبت أن المؤمنين يرون ربهم سبحانه وتعالى يوم القيامة بأبصارهم فهذا مقصودنا بأن الله سبحانه يحس فهو سبحانه يمكن رؤيته وسماع كلامه.

فإذا كان الوهم والخيال تابعا للحس فهو يتعلق به سبحانه وتعالى لتعلق البصر والسمع به، هذه في الآخرة.

أما في الدنيا فهو متعلق بما يتلقاه عن طريق الخبر الصادق وهذا التعلق تعلق إثبات ما جاء في هذه الأخبار وهو إثبات وجود للذات والصفات فتوهمها هو إدراك معانيها التي أخبر بها الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة من الإثبات مع نفي مماثلة المخلوقات إثباتا بلا تشبيه وتنزيها بلا تعطيل، فإن طابق هذا كان حقا وعلما اعتقادا صحيحا وإن خالفه فليس الكلام على الوهم والخيال الباطل فهذا لا تعلق له بشيء من الحقائق أصلا فاستنكار الاستاذ فودة لا وجه له لأنه مجرد تشنيع رخيص يستغل فيه جهل القارئ بمصطلح الوهم والخيال عند قومه.

أما قوله: (هذه العبارة ترجيح من ابن تيمية لمذهب المجسمة بصراحة تامة، لان قوله المثبتة لا يريد بهم إلا المجسمة، فإنهم هم الذين يصفون الله تعالى بالأجزاء والابعاض وهم الذين سماهم الرازي بالمجسمة. فابن تيمية يقول بان مذهبهم هو الأقوى هنا .. )

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير