تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: و حديثه فوق ذلك مخرّج في صحيح البخاري، فلفظه هو الأرجح و الأصح، كما سنبيّن من بعد إن شاء الله.

و قد يكون الوهم في حديث معمر من عبد الرزاق، فإنه – و إن كان إمامًا حافظًا – قد يهم. انظر على سبيل المثال (علل الترمذي 1/ 199، 1/ 253) و كذا (علل أبي حاتم 1/ 161).

هذا، و روى الزهري الحديث كذلك عن أبي بكر بن عبد الرحمن:

رواه عنه عقيل بلفظ: " ... و يكبّر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس ... " أخرجه البخاري (789) و مسلم (392)

و رواه شعيب بلفظ رواية أبي سلمة السابقة الذكر، خرجه البخاري (770)

و رواه ابن جريج، بلفظ: " ... و يكبّر حين يقوم من المثنّى بعد الجلوس ... " أخرجه مسلم (392)

و الحديث رواه نعيم المجمر عن أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: " ... و إذا قام من الجلوس قال: الله أكبر ... " أخرجه ابن خزيمة (499)

و رواه سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ: " ... و إذا قام من السجدتين قال: الله أكبر ... " أخرجه البخاري (762). و هذه كلها ألفاظ متقاربة و تفيد معنى واحدًا؛ و هو أنّ التكبير لا يكون إلاّ بعد الإنفصال من الجلوس و الإعتدال في القيام.

و خلاصة ما سبق:

بيان شذوذ رواية معمر، و مخالفتها لرواية من هو أثبت و أكثر عددًا ... و ضعف حديث أبي يعلى ...

فإن قلت: قد جوّد الألباني رحمه الله سنده؟ فالجواب: أنّ صحة السند، بله جودته، لا تعني بالضرورة صحة الحديث. كما لا تعني صحة الإسناد. و قد نبّه الشيخ الألباني رحمه الله نفسه على ذلك في " القاعدة السادسة " من كتابه (تمام المنة) ... و عليه، فإنّ مأخذ القائلين بالتكبير و الرفع في الجلوس ضعيف، و لا دليل عليه. كيف؟ و هو يقول " بعد الجلوس "؟

و لعله من المفيد ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظه المتفق عليه، و الذي كان قد أحال عليه الشيخ الألباني رحمه الله، و جعله دليلاً على القيام بالتكبير، وهو:

" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة، يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد، ثم يكبر حين يهوي، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها. ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس ".

و كأنّ الشيخ الألباني رحمه الله انتزع ذلك الحكم من ظاهر قوله: " و يكبر حين يقوم من الثنتين "

و قد تردد ابن دقيق العيد رحمه الله في ذلك؛ فقال في (الإحكام ص244):

" اختلفوا في وقت هذا التكبير، فاختار بعضهم أن يكون عند الشروع في النهوض، و هو مذهب الشافعي. و اختار بعضهم أن يكون عند الإستواء قائمًا، و هو مذهب مالك – ثم قال: فإن حُمل قوله " حين يرفع " على ابتداء الرفع، و جُعل ظاهرًا فيه، دلّ ذلك لمذهب الشافعي – قال: و يرجح من جهة المعنى بشغل زمن الفعل بالذكر "اهـ

يقول العبد الضعيف: بل الراجح ما ذهب إليه الإمام مالك رحمه الله، و يحمل الرفع على نهايته بدليل:

- قوله أوّل الحديث: " كان إذا قام إلى الصلاة، يكبر حين يقوم "، و قد اتفقوا على أن قوله " حين يقوم " ههنا يريد " حين يستوي قائمّا "، و هذا أمر مجمع عليه.

- قوله في رواية للدارقطني في (العلل): " و إذا قام من الركعة الثالثة، بعد التشهد "، و هذا ظاهر في أنّ قيامه كان في قيام الركعة الثالثة الذي فيه القراءة.

- رواية عبد الرزاق (2492) عن ابن جريج قال أخبرني عطاء قال: " صليت خلف أبي هريرة فسمعته يكبر حين يستفتح، و حين يركع، وحين يصوب للسجود، ثم حين يرفع رأسه، ثم حين يصوب رأسه، ثم حين يصوب رأسه ليسجد الثانية، ثم حين يرفع رأسه، ثم حين يستوي قائمًا من ثنتين قال لي – يعني عطاء -كذلك التكبير في كل صلاة "

و هذا نص قاطع لكل قيل و قال، يفسر ما أجمل في غيره من الروايات و يبيّن أنّ المراد من قوله " حين يقوم من الثنتين " الإنتهاء من القيام و الإستواء فيه، و ليس بدايته.

و له شواهد كثيرة، صحيحة صريحة في المقصود؛ منها:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير