- حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: رواه عبد الرزاق (2520)، عن ابن جريج قال: أخبرني نافع أن ابن عمركان يكبر بيديه حين يستفتح وحين يركع وحين يقول سمع الله لمن حمده وحين يرفع رأسه من الركعة وحين يستوي قائمًا من مثنى قال: ولم يكن يكبر بيديه إذا رفع رأسه من السجدتين قلت لنافع: أكان ابن عمر يجعل الأولى منهن أرفعهن؟ قال: لا سواء قلت: أكان يخلف بشيء منهن أذنيه؟ قال: لا، ولا يبلغ وجهه. فأشار لي إلى الثديين أو أسفل منهما " و أخرجه البخاري في (جزء رفع اليدين برقم 38).
و هذا اللفظ كذلك نصّ قاطع لكل نزاع، يبيّن بصراحة ما أجمل في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، الذي هو عند البخاري (706) و غيره، بلفظ: " و إذا قام من الركعتين رفع يديه "، أنّ المراد من القيام؛ تمامه و ليس جزءّا منه. و هكذا فإن السنة يصدّق بعضها بعضًا، و يؤيّد بعضها بعضًا، و السنن – كما قال ابن عبد البر – لا تثبت بالتدافع.
- حديث ابن الزبير رضي الله عنهما، و فيه: " و حين ينهض للقيام فيقوم فيشير بيديه " رواه أبوداود (739)، و فيه ابن لهيعة؛ و حديثه حسن في الشواهد. و كأنّ الراوي خشي أن يفهم قوله " حين ينهض للقيام " على أنه أثناء القيام، فأردف بقوله " فيقوم " ليبيّن أنه يعني الإستواء في القيام.
- حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه ثم كبر واعتدل قائما حتى يقركل عظم في موضعه معتدلا ثم يقرأ " ... إلى أن قال: " ثم يقوم من السجدتين فيصنع مثل ما صنع حين افتتح الصلاة ". و من المعلوم أنّ الصلاة لا تُستَفتح من قعود.
فإن قلت: قد روى ابن حبان الحديث في صحيحه (1865) من طريق عمرو بن علي الفلاس عن يحيى بن سعيد، بلفظ: " ... و إذا قام من الركعتين كبّر ثمّ قام "، و هذا يفيد أن التكبير يكون حال الجلوس و قبل القيام؟
فالجواب: أن (عمرو بن علي الفلاس) و إن كان حافظًا، إلا أنه خالف من هو أحفظ منه و أكثر عددًا ... فقد رواه عن يحيى:
الإمام أحمد (5/ 434) و لفظه: " حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه، كما صنع حين افتتح الصلاة "
و محمد بن بشار،و هو ممن صحب يحيى طويلاً، و لفظه كلفظ أحمد سواء بسواء، أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (587) و الترمذي (304) و النسائي (1181) و ابن ماجة (862)
و بنفس اللفظ، محمد بن المثنى، أخرجه الترمذي (304)
و يحيى بن حكيم، أخرجه البزار (3711).
و يعقوب بن إبراهيم الدورقي، أخرجه النسائي (1181).
فهؤلاء جميعًا – وهم من الحفاظ - اتفقوا على لفظ واحد من رواية يحيى بن سعيد، و لو لم يكن فيهم إلا الإمام أحمد لكان كافيًا لترجيح روايته على رواية (ابن الفلاس).
و قد تابع يحيى جماعة عن عبد الحميد؛ منهم:
أبو أسامة، بلفظ: " حتى إذا قام من الركعتين كبّر، و صنع كما صنع في ابتداء الصلاة". أخرجه ابن حبان في صحيحه (1870).
و أبو عاصم، اخرج حديثه ابن حبان (1867 و 1876) و الدارمي (1356) و البيهقي (2347).
و عبد الملك بن الصباح المسمعي، أخرج حديثه ابن خزيمة (677) و لفظه: " ثم يقوم من السجدتين فيصنع مثل ما صنع حين افتتح الصلاة "
و النتيجة بعد الذي سلف، هو شذوذ رواية (عمرو بن علي الفلاس) لمخالفتها رواية جماعة من الحفاظ المتقنين الأثبات.
- حديث عمران بن الحصين رضي الله عنه؛ عن مطرف قال: " صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر وإذا رفع رأسه كبر وإذا نهض من الركعتين كبر فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال قد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم أو قال لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم ". أخرجه البخاري (753) و مسلم (393) و غيرهما.
قوله:" إذا نهض " أي استتم قائمًا، بدليل رواية " و إذا نهض من الركوع كبّر "، قال الإمام ابن خزيمة في صحيحه (1/ 292)، في توجيه هذه اللفظة: " إنما أراد وإذا نهض من الركوع فأراد السجود كبر على ما ذكر الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم ربنا لك الحمد ثم يكبر حين يهوي ساجدا "
¥