تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن رجلاً قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل، فسئل عن ذلك

عبد الله بن عمر فكرهه, ونهي عنه.

قال الباجي في المنتقى: (قوله ابتع لي هذا البعير بنقد فابتاعه منه إلى

أجل أدخله في باب بيعتين في بيعة, ولا يمتنع أن يوصف بذلك من جهة أنه انعقد بينهما

أن المبتاع للبعير بالنقد إنما يشتريه على أنه قد لزم مبتاعه بأجل بأكثر من ذلك

الثمن فصار قد انعقد بينهما عقد بيع تضمن بيعتين إحداهما الأولى: وهي بالنقد,

والثانية: المؤجلة, وفيها مع ذلك بيع ما ليس عنده; لأن المبتاع بالنقد قد باع من المبتاع بالأجل البعير قبل أن يملكه, وفيها سلف بزيادة; لأنه يبتاع له البعير بعشرة على أن يبيعه منه بعشرين إلى أجل يتضمن ذلك أنه سلفه عشرة في عشرين إلى أجل, وهذه كلها معان تمنع جواز البيع, والعينة فيها أظهر من سائرها , والله أعلم) ([24])

ووجه هذا القول: أن البائع جمع بين بيعتين في بيعة واحدة، وذلك لأنه باع السلعة، ثم اشتراها، وقصده من ذلك بيع دراهم بدراهم، بزيادة مقابل النسيئة، فليس له في هذه الحال إلا الأوكس (الأقل) أو فإنه سيقع في الربا، وعلى ذلك فهذا هو التفسير الذي يمكن أن ينطبق عليه قوله r ( فله أوكسهما أو الربا). ([25])

واعترض على الاستدلال بهذه اللفظة من الحديث (له أوكسهما أو الربا)

بما يلي:

الأول: ضعف هذه اللفظة. ([26])

الثاني: رد ذلك النووي بأنه يحتمل أن يكون هذا في قصة معينة. ([27])

الثالث: أن الحديث يمكن حمله على ما ذكره أصحاب القول الأول، وهذا التفسير الذي

ذكره ابن القيم ليس متعيّناً، ولهذا فإن طاووساً والثوري فسرا الحديث بأن

المراد به أقل الثمنين إلى أبعد الأجلين وذلك إذا كانت السلعة قد استهلكت. ([28])

وبعد هذا العرض الموجز لتفسيرات (بيعتين في بيعة) لا يمكنني الجزم بتفسير من

هذه التفسيرات، ولكني أرى أن التفسير الأول هو الأقوى؛ لأنه هو ما عليه أكثر السلف،

كما أنه مقبول من الناحية اللغوية، وأما باقي التفسيرات فلا مانع من جعلها تفسيراً

للحديث، ومعاني النصّ إذا لم يكن بينها تعارض، وكانت مقبولة من الناحية اللغوية

فلا مانع من القول بأن تلك التفسيرات كلها صحيحة. ([29])

وفي المنتقى للباجي أن عيسى بن دينار سأل ابن القاسم عن تفسير بيعتين في بيعة

فقال:

بيعتان في بيعة أكثر من أن يبلغ ذلك بتفسير وأصل يبنى عليه , ومما يعرف به

مكروههما

أن يتبايعا بأمرين ... ([30])

والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

(([1] الحديث: أخرجه الإمام أحمد (9584) (15/ 358) و (10148) (16/ 134) والنسائي في

الصغرى كتاب البيوع باب بيعتين في بيعة، وهو أن يقول أبيعك هذه السلعة بمائة

درهم

نقداً وبمائتي درهم نسيئة (4646) (7/ 340) وفي الكبرى (6228) (4/ 43) وابن الجارود

في

المنتقى (600) (2/ 181) عن يحيى بن سعيد.

وأخرجه الترمذي كتاب البيوع باب النهي عن بيعتين في بيعة (1249) (4/ 357) وابن

حبان

(4973) (10/ 348) عن عبدة بن سليمان.

وأخرجه البغوي في شرح السنة (2111) (8/ 142) عن يزيد بن هارون.

وأخرجه أبو يعلى (6124) (10/ 507) والبيهقي (5/ 343) عن عبد الوهاب بن عطاء، ثم

قال

(وكذلك رواه إسماعيل بن جعفر والداروردي ومعاذ بن معاذ)، كل هؤلاء رووا الحديث

عن

محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة أن النبي r نهى عن بيعتين في بيعة.

والحديث بهذا الإسناد حسن؛ لأن مداره على محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص، وهو:

صدوق

له أوهام أخرج حديثه الجماعة (لكن رواية البخاري عنه مقرونة وروى مسلم عنه

متابعة)،

(انظر التهذيب (3/ 662) والتقريب (6228) (884) والإرواء (5/ 150))، وقد حسن هذا

الحديث

الألباني ومحقق المسند وابن حبان، ومحقق مسند أبي يعلى.

والحديث رواه أبو داود كتاب الإجارة باب فيمن باع بيعتين في بيعة (3457) (9/ 238)

وابن أبي شيبة (6/ 120) وابن حبان (4976) (10/ 347) والحاكم (2/ 45) والبيهقي

(5/ 343)

عن يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو ولكن بزيادة (فله أوكسهما أو الربا)

ويحيى بن زكريا وإن كان ثقة متقناً (التقريب (7598) (1054)) إلا أنه خالف غيره

في

ذكر هذه الزيادة، فهل هذا من أوهام محمد بن عمرو؟ ومع أن الألباني حسّن الحديث

بهذه

الزيادة في الإرواء (5/ 150) فإني متوقف في تحسين هذه الزيادة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير