قال النووي: هذا كلام إمام الحرمين، ولا مزيد على تحقيقه. ا.هـ (شرح مسلم [3/ 186]).
قلت: قال الشيخ جمال الدين القاسمي: وقول إمام الحرمين (ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميع الكلاب حيث لا ضرر فيها حتى الأسود البهيم) يحتاج إلى برهانٍ. ا.هـ (محاسن التأويل [3/ 41]).
4 - قال القاضي عياض:
عندي أنَّ النهيَ أولاً كان نهياً عاماً عن اقتناء جميعها، وأمر بقتل جميعها، ثم نهى عن قتل ما سوى الأسود، ومنع الاقتناء في جميعها إلا كلب صيدٍ أو زرعٍ أو ماشيةٍ.
قال النووي: وهذا الذي قاله القاضي هو ظاهر الأحاديث، ويكون حديث ابن مغفل مخصوصاً بما سوى الأسود، لأنَّه عامٌّ، فيُخص منه الأسود بالحديث الآخر. ا. هـ (3).
5 - قال أبو عمر بن عبد البر:
والذي أختاره في هذا الباب أنْ لا يُقتل شيءٌ من الكلاب إذا لم تضرَّ بأحدٍ، ولم تعقر أحداً وأما قول من ذهب إلى قتل الأسود منها بأنَّها شيطانٌ على ما روي في ذلك، فلا حجة فيه، لأنَّ الله عز وجل قد سمَّى ما غلب عليه مِن الشرِّ مِن الإنس والجنِّ شيطاناً بقوله: ?شَيَاطِينَ الجِنِّ وَالإِنْسِ? [المائدة/112]، ولم يجب بذلك قتله، وقد جاء في الحديث المرفوع (أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأى رَجُلاً يَتْبَعُ حَمَامةً فَقَالَ: شَيْطَانٌ يَتْبَعُ شَيْطَانةً) (4)، وليس في ذلك ما يدل على أنَّه كان مسخاً مِن الجنِّ ولا أنَّ الحمامة مسخت من الجنِّ، ولا أنَّ ذلك واجبٌ قتله…ا. هـ (التمهيد [14/ 233]).
قلت: وهذا عجيبٌ من مثل هذا الإمام فالأمر بقتل الكلب الأسود هو مِن نصِّ حديث النَّبيِّ ? ولم يوجد مثلُ هذا الأمر في حديث (شيطان يتبع شيطانة)!! إذ ليس كلُّ مَن استحق وصف الشيطان بمستحقٍّ للقتل إلا أنْ يأتيَ بذلك نصٌّ عنه ?.
=====
(1) قال ابن حزم رحمه الله: أينما كانت النقطتان منه، فإنْ عظمتا حتى لا تسمَّيا في اللغة العربية نقطتين، لكن تسمَّى لمعتين لم يجز قتله. ا.هـ المحلى [9/ 9 - 10].
(2) وذو النقطتين أيضاً كما في الحديث الخامس وهما نقطتان بيضاوان فوق عينيه في الغالب.
(3) شرح مسلم [10/ 235 - 236] وقد وصف الحافظُ ابنُ حجر كلامَ النووي بأنهّ فيه (اختلاف شديد). الفتح [4/ 48].
قلت: وتأييده رحمه الله للقاضي هو الذي يوافق النصوص -وخاصَّة حديث جابر الخامس- وهو الذي ينبغي ترجيحه.
سؤال: هل يقتل الكلب الأسود المعلَّم؟. ينظر (الكلب في الصيد) [الباب14].
(4) أخرجه: أبو داود [4/ 285] و ابن ماجه [2/ 1238]. وهو حديثٌ صحيحٌ.
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[28 - 09 - 04, 05:57 م]ـ
ثانياً:
حكم ذات الكلب:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وأما الكلب فقد تنازع العلماء فيه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّه طاهرٌ حتى ريقه، وهذا هو مذهب مالك.
والثاني: نجس حتى شعره، وهذا هو مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد.
والثالث: شعره طاهر، وريقه نجسٌ. وهذا هو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين عنه.
وهذا أصحُّ الأقوال، فإذا أصاب الثوبَ أو البدنَ رطوبةُ شعره لم ينجس بذلك. ا. هـ (مجموع الفتاوى [21/ 530]).
وفي موضعٍ آخر قال رحمه الله:
وذلك لأنَّ الأصل في الأعيان الطهارة، فلا يجوز تنجيس شيء ولا تحريمه إلا بدليلٍ كما قال تعالى: ? {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُّرِرْتُم إِلَيْهِ} ? [الأنعام/119]. وقال تعالى:? {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُم حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَا يَتَّقُونَ} ? [التوبة/115]. .. وإذا كان كذلك، فالنَّبيُّ? صلى الله عليه وسلم قال: طُهُورُ إِنَاءِ أحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الكَلْبُ أنْ يَغْسِلَهُ سَبْعاً، أولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ، وفي الحديث الآخر:إذَا وَلَغَ الكَلْبُ ... فأحاديثُه كلُّها ليس فيها إلا ذكر الولوغ لم يذكر سائر الأجزاء، فتنجيسها إنما هو بالقياس ..
وأيضاً: فالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رخَّص في اقتناء كلب الصيد والماشية والحرث، ولا بد لمن اقتناه أنْ يصيبه رطوبةُ شعوره كما يصيبه رطوبةُ البغل والحمار وغير ذلك. فالقول بنجاسة شعورها والحال هذه من الحرج المرفوع عن الأمة. ا. هـ (مجموع الفتاوى [21/ 617 و 619]).
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[28 - 09 - 04, 06:06 م]ـ
ثالثاً:
¥