وَثَمّةَ دَليْلانِ مَشْهُورٌ ذِكْرُهُما عنْدَ الأصْحَابِ:
الدَليْلُ الأولُ: مَا أخْرَجَهُ الإمَامُ البُخَارِيُّ فِيْ صَحيْحِهِ_فتح الباري_ (4/ 143)، والإمَامِ مُسْلِم _شرح النووي_ (7/ 189)، عنْ نَافِع، عن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَليْه وسلّم: ((إنّمَا الشَهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، فَلا تَصُومُوا حَتَى تَرَوه، وَلا تُفْطِرُوا حَتّى تَرَوه، فَإنْ غُمّ عليْكُمْ فَاقْدِرُوا لَه)).
وَجْهُ الإسْتِدلالِ:
قَولُهُ صَلى الله عليْه وسَلّم (فَاقْدِرُوا لَه) أي ضَيّقوا لَهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ قُدرَ عَليْهِ رزْقُهُ) أي ضُيق عَليْهِ رزْقُهُ، والتَضْييق بأنْ يَجْعَلَ شَعْبَانَ تِسْعَاً وَعِشْريْن يَومَاً.
ويُحْتمَلُ أنْ يَكونَ المَعْنَى: ضَيّقوا لَه عَدَدَاً يَطْلعُ فِيْ مِثْلِهِ، وَذَلك يَكونُ لِتِسْعٍ وَعِشْريْن.
الدَليْلُ الثاني: مَا أخْرَجَهُ أبوداود فِيْ سُنَنهِ (1/ 542)، وَالإمَامُ أحْمَدُ فِيْ مُسْنَدِهِ (2/ 5):
قَالَ نَافِعٌ: (كَانَ عَبْدُالله بنُ عُمَرَ إذا مَضَى مِنْ شَعْبَانَ تِسْعٌ وَعِشْرون يومَاً، بَعَثَ مَنْ يَنْظرُ لهُ، فَإنْ رآه فذاك. وإنْ لمْ يَره ولمْ يَحل دَونَ مَنْظرِهِ سَحَابٌ وَلا قَتَرٌ؛ أصْبَحَ مفطراً. وإنْ حَالَ دونَ مَنْظرِهِ سَحَابٌ أوْ قَتَرٌ؛ أصْبَحَ صَائماً).
وَجْهُ الإسْتدْلالِ:
أنّ عبدَالله بن عُمَرَ رَضي الله عنْه، هو رَاوي الخَبَرَ _ أي خَبَرَ الدَليْلِ الأولِ_، وَلا شَكّ أنّ رَاوي الخَبَر أعْلم بمعْنَاه، فَتعيّن المَصيْرُ إليْهِ، كَمَا رُجعَ إليْه فِيْ تَفْسِير خِيار المتبايعين.
الروَايَةُ الثانيْةُ: لا يَجبُ صومُهُ قبل رؤية هلالِهِ، أو إكمَال شَعْبَانَ ثلاثيْن، (أي اعْمَالاً للأصل) واخْتَار هَذه الرواية جمعٌ من الأصحاب ومن أولئك:
أ- ابن عقيل ب – تقي الدين ابن تيمية ج - ابن مفلح في الفروع وصححه ابن رزين في شرحه.
ويَدلّ عَلى صِحةِ هذه الروايِة أدلةٌ، مِنْهَا دَليْلان:
الدليْلُ الأولُ: مَا أخْرَجَهُ البخَاريُّ فِيْ صَحيْحِهِ _كتَابِ الصوْم_ (2/ 229): عن أبيْ هريْرَة رضي الله عنه، أنّهُ صلى الله عليه وسلّم قَالَ: (صُوْمُوا لِرؤيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرؤيَتِه، فإنْ غُمّيَ عَليْكُمْ فَأكمِلوا عدّة شَعْبَانَ ثلاثيْن).
الدَليْل الثاني: حديْثُ عبْدِالله بْنِ عُمَرَ: أنّهُ صلى الله عليه وسلم قال: (الشَهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرون ليْلة، فَلا تَصُوموا حتّى تَروْهُ، فَإنْ غمّ عليْكمْ فَأكمِلوا العدّة ثلاثيْن). أخْرَجَهُ الإمَامُ البخَاريُّ فِيْ صَحيْحِهِ (2/ 229).
وَوجْهُ الدَلالةِ فيْهمَا عَلى المَقْصُودِ ظَاهِرةٌ.
الروايَةُ الثالثةُ: أنّ النّاسَ تَبَعٌ للإمَامِ، إنْ صَامَ صَامُوا، وإنْ أفْطَرَ أفْطَرُوا، إلا مَنْ رآه وَحْدَهُ فَيَجبُ عليْه الصومُ.
الروايَةُ الرَابِعَةُ: أنّ الصومَ فيْه مَنْهيٌ عَنْهُ، اختَارَهُ أبوالقاسِم بنُ مندَه، وَأبوالخَطاب، وابنُ عَقيْل، ثمّ اختلف فِيْ النَهي هلْ هُوَ نَهيُ تَحْريْمٍ أمْ نَهيُ كرَاهةٍ، عَلى قَوْليْن.
تنبيه: الرواية الرابعة لم يذكرها ابن قدامة وأبو الخطاب و السامري، وإنما ذكروا الثلاث الأوَل.
كتَبَهُ: نايف حمَد علي.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[12 - 04 - 05, 05:51 م]ـ
أهلا بالأخ الطيب نايف حمد علي
ومرحبا بك وسط إخوانك مفيدا و مستفيدا إن شاء الله تعالى
أقرأ بحثكم و احاول التعليق إن شاء الله تعالى
أخوكم / محمد رشيد
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[13 - 04 - 05, 05:59 م]ـ
بوركت أخي الكريم, بحث رائع يدل على سعة اطلاع.
ما شاء الله.
اللهم زد وبارك.
أخوك المحب أبو الزهراء الشافعي.