حُكمُ صيَامِ يَوْم الثلاثيْنَ مِنْ شَعْبَان عنْدَ السَّادَةِ الحنَابِلَةِ.
ـ[نايف حمد علي]ــــــــ[12 - 04 - 05, 01:14 ص]ـ
بسْم الله الرّحمَن الرَّحيْم، والحمْدُ لله ربِّ العَالميْن، والصلاةُ والسَّلامُ عَلى سيّدِنَا مُحمّدٍ وعلى آلِهِ وصحبِهِ أجمَعيْن. أمّا بَعْدُ:
فهَذَا بَحْثٌ مُخْتَصَرٌ، رُمْتُ فيْهِ إيْضَاحَ حُكم صيَام يوْم الثلاثيْنَ مِنْ شَعْبَان، مُقْتصِرَاً في ذَلكَ عَلَى مَذْهبِ الإمَامِ المُبَجَّل أحمَد بن حنْبَل رضي اللهُ عنْهُ وَأرْضَاه.
"حكْمُ صيَامِ يُوْم الثلاثيْن منْ شَعْبَان"
صيَامُ يُومِ الثَلاثيْن مِنْ شَعْبَانَ لَهُ حَالتان:
الحَالَةُ الأوْلى: أنْ تكونَ السمَاءُ فيْ ليلتِهِ صَافيةً لا غيْمٌ فِيْهَا وَلا قَتَرٌ، فَهَذا يُسمّى يومُ الشكِ، ولَهُ ستُ حَالاتٍ:
أولُهَا: أنْ يُوافِقَ صيَامُ يوم الشكِّ عَادةً له، كَأنْ يَعْتادَ صَومَ يوم الخَميْس، وحَصَلَ أنْ وافق يومُ الشك يومَ الخميس، فالصحيح من المذهب أنه لا يكره.
ثانيها: أنْ يَصومَهُ مَوْصُولاً بمَا قَبْلَهُ مِنْ الصُومِ، فَهَذا ضَرْبَان:
الضَربُ الأولُ: أنْ يَكونَ صيَامَه موصُولاً بمَا قبْل النْصفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَلا يُكرَه اتفاقاً عِنْدَ الأصْحَابِ.
الضَربُ الثاني: أنْ يَكونَ صيَامَه مَوصُولاً بمَا بَعْدَ النْصفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَلا يُكرَه على الصَحِيْحِ مِنْ المَذْهَبِ.
والفرقُ بيْنَ الضَرْبيْن هو: أنَّ الأول مَحلُ اتفَاقٍ بيْنَ الأصْحَاب خلافَاً للثَانِي.
ومَبْنى الخِلافِ فِيْ المَسْألةِ، مَسْألةٌ مَشْهُورَةٌ وهِي: هلْ يَجُوزُ صَومُ التطوعِ بَعْدَ النْصفِ مِنْ شَعْبَانَ؟
ذهبَ جَمْعٌ مِنْ الأصْحَابِ إلى القولِ بِالكرَاهَةِ، لِظاهِر حَدِيْثِ أبيْ هريْرةَ (إذا انْتصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا) رَوَاهُ الخَمْسَةُ وضَعفَهُ الإمَامُ أحْمَدُ.
واخْتارَ أكْثرُ الأصْحَابِ أنّهُ لا يُكرَهُ، وَهوَ الصَحيْحُ مِنْ المَذْهَبِ.
ثالثُهَا: أنْ يَصُومَ يوْم الشَكِّ عنْ قَضَاءِ فَرْضٍ، فَفيْه روَايَتان:
الروَايَةُ الأوْلى: أنّهُ لا يُكْرَه، وَهُوَ الصَحيْحُ مِنْ المَذْهَبِ.قَالَهُ المَرْدَاوِيُّ فيْ الإنْصَاف (3/ 349).
الروَايَةُ الثانيَةُ: أنّ الصومَ مَكرُوهٌ، جَزمَ بهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الأصْحَابِ، ومِنْ أولئك الإمَامُ الشيْرَازي فِيْ الإيْضَاحِ.
رابعُهَا: أنْ يُوافقَ صيَامُ ليومِ الشكِّ صومَ نذرٍ، معيّناً كَانَ أو مُطْلَقاً، فَلا يُكْرَهُ قَوْلاُ وَاحِداً.
خامسُهَا: أنْ يَصومَهُ بنيّة الرَمَضَانيّة احتيَاطاً، فيُكْرَهُ صوْمُهُ.
سادسها: أن يصومَ يوم الشكِّ تَطوّعاً مِنْ غيْر سَبَبٍ، ففيه روَايَتان:
الروَايَةُ الأوْلى: أنّ صيَامَهُ مَكْرُوهٌ، وَعَليْهِ جَمَاهيْرُ الأصْحَابِ، وَهُوَ الصحيْحُ مِنْ المَذْهَبِ.
الروَايَةُ الثَانيَةُ: أنّهُ لا يُكْرَهُ.
واخْتَارَ جَمْعٌ مِنْ الأصْحَابِ التَحْريْمَ، وَمِنْ أوْلئكَ: أبُوالخَطّابِ الكَلْوَذَاني، وَالمَجْدُ أبُوالبَرَكَاتِ وَغيْرُهُمْ.
الحَالَةُ الثانِيَة: أنْ يَحيْلَ غيْمٌ أوْ قَتَرٌ أوغيْرُهُما ليْلةَ الثلاثيْنَ مِنْ شَعْبَانَ دوْنَ رؤيْةِ الهِلالِ، ففِيْ المَسْألَةِ أرْبَعُ رِوَايَاتٍ مَشْهُورَةٍ صَحيْحَةٍ عَنِ الإمَامِ أحْمَدَ رحمَه الله.
ذَكَرَهَا: ابنُ قُدَامَةَ فِيْ الكَافِيْ (1/ 340)، والمَجْدُ أبُو البَرَكَات فِيْ المُحَرّرِ (1/ 322)، وأبُو الخَطّاب الكَلْوَذَانِيْ فِيْ الهدَايَةِ (1/ 96)، والسَامُريُّ فِيْ المُسْتوعِب (4/ 401)، وابن مفلح في الفروع (4/ 410)، والمَرْدَاويُّ فِيْ الإنْصَاف (3/ 269)، وغيرُهُمْ مِنْ الأصْحَاب:
الرِوَايَةُ الأوْلَى: أنّ صيامَهُ وَاجبٌ بنيّةِ أنّهُ مِنْ شَهْر رَمَضَانَ، حكْمَاً ظنيّاًلا يَقيْنيّاً، عَلَى أصَح الروَايَتيْنِ، وَيُجْزِئه إنْ بَانَ أنّهُ مِنْهُ، وَهَذَا هُوَ الصَحيْحُ مِنْ المَذْهَبِ كمَا قَالَهُ الإمَامُ المَرْدَاوِيُّ فِيْ الإنْصَافِ (3/ 269)، وقَالَهُ أبُوالخَطّابِ فِيْ الهِدَايَةِ (1/ 96): (وهي اختيار عامة أصحابنا)، واخْتَارَ هذه الروَايَةَ فِيْ المُسْتَوْعِب (4/ 401).
¥