الجواب: أثر سلمان كافٍ في التفريق بين مجرد القراءة من الجوف، وبين مسّ المصحف للمحدث، وليس لسلمان الفارسي مخالف من الصحابة، وفهم السلف المثبت للتفريق بين القراءة والمسّ مقدم على فهمنا وفهم غيرنا ممن جاء بعدهم فتنبه.
ثانيا: ً عن مصعب بن سعد أنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ فقلت: نعم، فقال: قم فتوضأ، فقمت فتوضأت ثم رجعت. (). [(16) إسناده صحيح، والحديث حديث مالك ومن وافقه، ومن خالفهم فروايتهم مطروحة، وأخلق بها أن تكون غلطاً.
أخرجه مالك في «الموطأ» (1/ 85برقم 101 رواية يحي، ط: بشار عواد)، و (1/ 37برقم112، رواية أبي مصعب الزهري، ط: بشار عواد) ومن طريق مالك أخرجه البيهقي في «الخلافيات» (1/ 516 برقم 309)، وفي الكبرى (1/ 142 برقم 411)، وفي «المعرفة» (1/ 224) وأبو داود في كتاب «المصاحف» (2/ 635 برقم 733) عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن مصعب بن سعد به.
قلت: وتابع مالكاً قومٌ على ذكر الوضوء.
فقد أخرج ابن أبي شيبة في «المصنف» (1/ 150 برقم 1731) عن وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد قال: كنت أمسك على أبي المصحف فأدخلت يدي هكذا يعني مسّ ذكره فقال له: توضأ.
وإسماعيل بن أبي خالد الأحمسي ثقة ثبت، والزبير بن عدي الهمداني ثقة من رجال الكتب الستة.
وأخرج أبو داود في «المصاحف» (2/ 635 برقم 735) من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة عن زياد بن فياض عن مصعب بن سعد؛ وفيه: «قم فتوضأ».
وزياد بن فياض هو الخزاعي أبو الحسن الكوفي ثقة عابد.
وأخرج الطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/ 76) من طريق أبي داود، ثنا شعبة أنبا الحكم قال سمعت مصعب بن سعد، وفيه: فأمرني أن أتوضأ.
وأخرج عبد الرزاق في «المصنف» (1/ 114برقم 415) من طريق معمر وابن عيينة عن إبراهيم بن أبي حرة عن مصعب بن سعد، وفيه: قم فتوضأ، ففعلت.
أما الاختلاف على سعد في الوضوء من مس الذكر فمحفوظ ينظر فيه كذلك «مصنف عبد الرزاق» (1/ 119) و «شرح المعاني» للطحاوي (1/ 77).]
ثالثا: عن ابن عمر: (أنه كان لا يمسّ المصحف إلا وهو طاهر).
أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف (2/ 142برقم7427) من طريق ابن نمير قال: نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، وإسناده صحيح كالشّمس.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
((ما جاء عن بعض أئمة العلم في نفي الخلاف في المسألة، ونقلهم الإجماع على منع مسّ المصحف للمحدث، والجنب، والحائض، والنفساء.))
قال موفق الدين بن قدامه المقدسي في «المغني» (1/ 202): «ولا يمسّ المصحف إلا طاهرٌ من الحدثين جميعاً رُوي هذا عن ابن عمر والحسن، وعطاء، وطاوس، والشعبي، والقاسم بن محمد، وهو قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم مخالفاً لهم إلاداود فإنه أباح مسّه».
قال ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (21/ 266): وسُئل: هل يجوز مسّ الصحف بغير وضوء أم لا؟
فأجاب: «مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يمسّ المصحف إلا طاهر، كما قال في الكتاب الذي كتبه رسول الله × لعمرو بن حزم: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر» قال الإمام أحمد: لا أشك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه له، وهو أ يضاً قول سلمان الفارسي وعبد الله بن عمر وغيرهما، ولا يُعلم لهما من الصحابة مخالف» (). [(17) انظر «موسوعة الإجماع عند شيخ الإسلام ابن تيمية» (ص43) لجامعها عبد الله البوصي]
وقال كذلك رحمه الله في شرح العمدة (1/ 382 - 383):? «وذكر الإمام أحمد عن ابن عمر: (أنه قال لا يمسّ المصحف إلا على طهارة)، وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: (كنا مع سلمان فخرج فقضى حاجته ثم جاء فقلت يا أبا عبد الله لو توضأت لعلنا نسألك عن آيات قال: إني لست أمسّه، لا يمسّه إلا المطهرون) رواه الأثرم والدارقطني، وكذلك جاء عن خلق من التابعين، من غير خلاف يعرف عن الصحابة والتابعين، وهذا يدل على أن ذلك كان معروفا بينهم».
قال الحافظ الفقيه ابن رجب الحنبلي في «فتح الباري» (1/ 404 ط. ابن الجوزي) بعدما تكلم عن حكم حمل المحدث المصحف بعلاقه: «وأصل هذه المسألة منع المحدث من مسّ المصحف، وسواء كان حدثه حدثاً أكبر، وهو من يجب عليه الغسل، أو أصغر وهو من يجب عليه الوضوء، هذا قول جماهير العلماء، وروى ذلك عن علي، وسعد، وابن عمر، وسلمان، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة، وفيه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلة ومرسلة، وخالف في ذلك أهل الظاهر».
وقال عبد الرحمن بن محمد بن قاسم النجدي في حاشيته على الروض بعدما نقل كلام ابن تيمية السابق: «وقال الوزير: اجمعوا أنه لا يجوز للمحدث مسّ المصحف» (). [(18) انظر الحاشية (1/ 262 - 1/ 278).]
وقال صالح بن إبراهيم البليهي في «السلسبيل في معرفة الدليل»: «وقال ابن هبيرة في الإفصاح: وأجمعوا على أنه لا يجوز للمحدث مسّ المصحف، قلت: وهو اختيار الشيخ تقي الدين، وابن القيم في «إعلام الموقعين»»
//////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
منقول ........
¥