وخلاصة القول أن العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال لا يجوز القول به
على التفسير المرجوح إذ هو خلاف الأصل ولا دليل عليه ولا بد لمن يقول به أن يلاحظ
بعين الاعتبار الشروط المذكورة وأن يلتزمها في عمله والله الموفق
انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله
قال سبحانه
((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا))
قال إمام المفسرين
ابن جرير الطبري
رحمه الله تعالى
اليوم أكملت لكم أيها المؤمنون فرائضي عليكم وحدودي وأمري إياكم ونهيي وحلالي
وحرامي وتنزيلي من ذلك ما أنزلت منه في كتابي وتبياني ما بينت لكم منه بوحيي
على لسان رسولي والأدلة التي نصبتها لكم على جميع ما بكم الحاجة إليه من أمر دينكم
فأتممت لكم جميع ذلك فلا زيادة فيه بعد هذا اليوم
انتهى
فلسنا في حاجة بعد إتمام الدين وإكماله لضعيف لم يثبت أنه من الدين
ليحدد لنا ثوابا أو عقابا أو فضلا لا يعرف بعقل وإنما هو من خصائص
الغيب والتشريع
أخرج البخاري
قيل للزبير بن العوام
إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟ قال:
أما إني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول: من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار
فهذا الذي لازم رسول الله صلى الله عليه وسلم
يخشى أن ينسب له ما لم يقله فيكون من أهل الوعيد
فما الظن بمن يعلم يقينا أن هذا الحديث لم تصح نسبته إليه
ومع ذا ينسبه إليه فهو أولى بأن يكون كاذبا عليه
وأولى بالوعيد الذي نزل في حقه
ومن حديث علي والمغيرة بن شعبة
من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين
فالله المستعان
العلاقة بين العمل بالضعيف في فضائل الأعمال
والتكلف والتشدد في الدين
قد أمر الله عز وجل بالاقتصاد في العبادة
ولام على أهل الكتاب من قبلنا اتيانهم بأشياء لم ينزل بها الوحي
وتكلفهم أمور رفع الله عنهم الإصر والغل
فقال سبحانه ((ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم))
وليعلم أن الضعيف في فضائل الأعمال الذي يستلزم العمل
وليس له أصل صحيح هو مرادف للبدعة
كالرغائب والتسابيح ونصف رجب ونحوها فجل من جوزها
معترف بضعف أسانيدها وإنما عمل بها لهذه القاعدة المشبوهة
ألا وهي العمل بالضعيف في فضائل الأعمال
ومعلوم أن الضعيف الذي لا أصل صحيح له في الشرع
هو في حكم المسكوت عنه
فعن ابن عباس وأبي الدرداء وغيرهما رضي الله عن الجميع
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام،
وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته،
فإن الله لم يكن لينسى شيئا وتلا: وما كان ربك نسيا))
فقبول عافية الله يستلزم عدم الزيادة على أحكامه
فما كان الأصل فيه الحل كان حلالا
وما كان الأصل فيه الحرمة كان حراما
وما سكت عنه الشرع فهو مسكوت عنه فيه عفو الرحمن على عباده
وتخفيفه وتيسيره عليهم فنحمد الله تعالى على ذلك
فغذا كان المسكوت عنه مما الأصل فيه الحل من الأشياء والمعاملات
من طعام وشراب وملبس ونحوها فيلحق بأصله في الحل
وإن كان المسكوت عنه مما الأصل فيه الحرمة كالعبادات لحق بها في
التحريم لها وبراءة الذمة منها
وقد قال عليه الصلاة والسلام:
((إن أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة))
ومن حديث أبي هريرة عند البخاري مرفوعا قال عليه الصلاة والسلام
((إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا،
وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة.))
ولا شك أن تشريع ما لم يشرعه الله والعمل بما لم يثبته رسوله
من مشادة الدين ومن التكلف المذموم ناهيك
عن حصول الإثم ورد العمل
وقد روي عن ابن مسعود وغيره
((اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة))
والله تعالى أعلم
فصل في ترك الناس العمل بما صح من الفضائل
وانشغالهم بما لم يصح
وليس من قلة الأعمال الصالحة التي صحت عن
النبي صلى الله عليه وسلم العمل بها والترغيب فيها
وإنما هو باب شيطان وفتنة فتح على الأمة من حيث لا تحتسب
ولكن كما قيل إن الناس إذا فتحوا باب بدعة أغلقوا باب سنة
فهذه بعض أبواب الفضائل الصحيحة لطالبي الزيادة
فهل تراهم يرجعون إليها؟؟ إن من يطالب بالعمل
بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ويتشدق في ذلك
بأجمل العبارات في مغازلة العمل الصالح وإظهار الحنان له
¥