ـ[حارث همام]ــــــــ[12 - 10 - 05, 12:51 ص]ـ
أما الإشكال الذي ذكره الشيخ همام فليس بوارد لأن تفريق ابن كلاب والأشعري قرر شيخ الإسلام بعده، فإذا بطل الفرق يؤول قولهم إلى قول الجهمية الذين يقولون بأن الإيمان هو المعرفة.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[همام بن همام]ــــــــ[12 - 10 - 05, 03:06 ص]ـ
معذرة يا شيخ حارث همام يظهر للعبد الضعيف أن الإشكال لا يزال قائماً، وذلك أن بعد وبطلان التفريق بينهما شيء ونسبة القول لهما شيء آخر. والله أعلم.
تنبيه مهم: همام بن همام _ أصلح الله سريرته _ ليس شيخاً، ووالله لا أقول هذا تواضعا وإنما هو الحال والواقع، ويا حبذا لو يخاطبني المشايخ وبقية الأعضاء بالأخ أو همام فقط، وجزاكم الله خيرا.
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[12 - 10 - 05, 03:37 ص]ـ
بارك الله فيكم على طرح هذه المسألة المهمة. والتفريق بين المعرفة بالقلب والتصديق به وعمل القلب مشكل حقاً.
وحبذا لو يتكرم المشايح بمناقشة قول البخاري رحمه الله في الصحيح: "باب قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أنا أعلمكم بالله، وأن المعرفة فعل القلب، لقول الله تعالى: ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم".
الذي يُفهم من هذا الكلام أن المعرفة بالقلب عند البخاري هي من أعمال القلب، ويكون التصديق كذلك من أعمال القلب من باب أولى. فما رأي المشايخ الكرام؟
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 10 - 05, 04:13 ص]ـ
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله (و أما المعرفة بالقلب: فهل تزيد وتنقص؟ على قولين:
أحدهما: أنها لا تزيد ولا تنقص. قال يعقوب بن بختان: سألت أبا عبد الله – يعني أحمد بن حنبل – عن المعرفة والقول: يزيد وينقص؟ قال: لا، قد جئنا بالقول والمعرفة وبقي العمل. ذكره أبو الخلال في كتاب " السنة ومراده بالقول: التلفظ بالشهادتين خاصة. وهذا قول طوائف من الفقهاء والمتكلمين.
و القول الثاني: أن المعرفة تزيد وتنقص.
قال المروذي: قلت لأحمد في معرفة الله بالقلب تتفاضل فيه؟ قال: نعم، قلت: ويزيد؟ قال: نعم.
ذكره الخلال عنه، وأبو بكر عبد العزيز في كتاب "السنة " - أيضا -، عنه وهو الذي ذكره القاضي أبو يعلي من أصحابنا في كتاب " الإيمان، وكذلك ذكره أبو عبد الله بن حامد. وحكى القاضي – في " المعتمد " – وابن عقيل في المسألة روايتان عن أحمد، وتأولا رواية أنه لا يزيد ولا ينقص. وتفسر زيادة المعرفة بمعنيين:
أحدهما: زيادة المعرفة بتفاصيل أسماء الله وصفاته وأفعاله وأسماء الملائكة والنبيين والكتب المنزلة عليهم وتفاصيل اليوم الآخر. وهذا ظاهر لا يقبل نزاعا.
والثاني: زيادة المعرفة بالوحدانية بزيادة معرفة أدلتها، فإن أدلتها لا تحصر، إذ كل ذرة من الكون فيها دلالة على وجود الخالق ووحدانيته، فمن كثرت معرفته بهذه الأدلة زادت معرفته على من ليس كذلك. وكذلك المعرفة بالنبوات واليوم الآخر والقدر وغير ذلك من الغيب الذي يجب الإيمان به، ومن هنا فرق النبي صلي الله عليه وسلم بين مقام الإيمان ومقام الإحسان، وجعل مقام الإحسان أن يعبد العبد ربه كأنه يراه، والمراد: أن ينور قلبه بنور الإيمان حتى يصير الغيب عنده مشهودا بقلبه كالعيان) انتهى.
وقال كذلك (مراده بهذا التبويب: أن المعرفة بالقلب التي هي أصل الإيمان فعل للعبد وكسب له، واستدل بقوله تعالى) بِمَاكَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ([البقرة: 225] فجعل للقلوب كسبا كما جعل للجوارح الظاهرة) كسبا.
والمعرفة مركبة من تصور وتصديق، فهي تتضمن علما وعملا وهو تصديق القلب، فإن التصور قد يشترك فيه المؤمن والكافر، والتصديق يختص به المؤمن، فهو عمل قلبه وكسبه.
وأصل هذا: أن المعرفة مكتسبة تدرك بالأدلة، وهذا قول أكثر أهل السنة من أصحابنا وغيرهم ورجحه ابن جرير الطبري، وروى بإسناده عن الفضيل ابن عياض أنه قال: أهل السنة يقولون: الإيمان والقول والعمل.
وقالت طائفة: إنها اضطرارية لا كسب فيها. وهو قول بعض أصحابنا وطوائف من المتكلمين والصوفية وغيرهم).
ثم قال
(وكونه أعلمهم به يتضمن أن علمه بالله أفضل من علمهم بالله وإنما زاد علمه بالله لمعنيين:
أحدهما: زيادة معرفته بتفاصيل أسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه وعظمته وكبريائه وما يستحقه من الجلال والإكرام والإعظام.
والثاني: أن علمه بالله مستند إلى عين اليقين، فإنه رآه إما بعين بصره أو بعين بصيرته، كما قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما: رآه بفؤاده مرتين، وعلمهم به مستند إلى علم يقين، وبين المرتين [تباين]، ولهذا سأل إبراهيم عليه السلام ربه أن يرقيه من مرتبة علم اليقين إلى مرتبة عين اليقين بالنسبة إلى رؤية إحياء الموتى – وقد سبق التنبيه على ذلك والكلام في تفاصيل المعرفة التامة بالقلب – فلما زادت معرفة الرسول بربه زادت خشيته له وتقواه، فإن العلم التام يستلزم الخشية كما قال تعالى) إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ([فاطر: 28] فمن كان بالله وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه أعلم كان له أخشى وأتقى،،إنما تنقص الخشية والتقوى بحسب نقص المعرفة بالله) انتهى.
¥