ولكن، الأقرب منه هو القول الأول أنه لا يمنعها الدَّيْنُ مطلقاً سواء طولب به أو لم يطالب به، كما قلنا في وجوب زكاة الأموال، وأن الدين لا يمنعها إلا أن يكون حالاً قبل وجوبها فإنه يؤدي الدين وتسقط عنه زكاة الفطر.
قوله: "فيخرج عن نفسه، وعن مسلم يمونه" أي: يخرج عن نفسه وجوباً؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما: "فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زكاة الفطر على الصغير والكبير، والحر والعبد، والذكر والأنثى، من المسلمين".
وقوله: "وعن مسلم يمونه" أي: ينفق عليه، مثل الزوجة والأم والأب والابن والبنت، وما أشبههم ممن ينفق عليهم، فيجب عليه الإخراج عنهم لحديث: "أدوا الفطرة عمن تمونون" أي: عمن تقومون بمؤنتهم، ولكن هذا الحديث ضعيف ومنقطع فلا يصح الاحتجاج به.
ولأثر ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يخرج عن نفسه، وعن أهل بيته، حتى إنه يخرج عن نافع مولاه، وعن أبنائه، ولكن هذا الأثر لا يدل على الوجوب.
فالصحيح أن زكاة الفطر واجبة على الإنسان بنفسه فتجب على الزوجة بنفسها، وعلى الأب بنفسه، وعلى الابنة بنفسها، وهكذا، ولا تجب على الشخص عمن يمونه من زوجة وأقارب لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زكاة الفطر صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على الذكر والأنثى، والحر والعبد، والكبير والصغير من المسلمين".
والأصل في الفرض أنه يجب على كل واحد بعينه دون غيره.
ولقول الله تعالى: {) وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ولو وجبت زكاة الفطر على الشخص نفسه وعمن يمونه فإنه سوف تزر وازرة وزر أخرى، لكن لو أخرجها عمن يمونهم وبرضاهم فلا بأس بذلك ولا حرج، كما أنه لو قضى إنسان ديناً عن غيره وهو راض بذلك فلا حرج، ولأنه يجوز دفع الزكاة عن الغير.
وينبني على هذا إذا كان هؤلاء لا يجدون زكاة الفطر؛ فإذا قلنا: إنها واجبة عليه أثم، وإذا قلنا بالقول الثاني لم يأثم وهم لا يأثمون؛ لعدم وجود مال عندهم.
لكن الأولاد الصغار الذين لا مال لهم قد نقول بوجوبها على آبائهم؛ لأن هذا هو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم.
وفهم من كلام المؤلف - رحمه الله - أن الزوجة الكافرة، والعبد الكافر لا يخرج عنهما.
مسألة: إذا قلنا بوجوب زكاة الفطر عمن يمونه وعنده عمال على كفالته، فهل تجب عليه عنهم؟
الجواب: لا تجب عليه، بل عليهم وهذا هو المذهب؛ إلا إذا كان من ضمن الأجرة كون النفقة عليه، فتجب عليه.
أما زكاة الفطر عن العبد فإنها تجب على سيده لما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر" فيكون هذا الحديث مخصصاً لحديث ابن عمر فيما يتعلق بزكاة الفطر عن العبد، ولأن العبد مملوك للسيد لا يملك فوجب عليه تطهيره؛ لأنه لا يمكن أن يملك.
وقال بعض العلماء: تجب على العبد نفسه، ويلزم السيد بتفريغ العبد آخر رمضان ليكتسب ما يؤدي به صدقة الفطر، وهذا ضعيف لما يأتي:
أولاً: أنه صح الحديث في استثناء الرقيق.
ثانياً: أن من القواعد المقررة أن ما لا يتم الوجوب إلا به فهو غير واجب، فلا يقال للإنسان: اتجر لتجب عليك الزكاة.
قوله: "ولو شهر رمضان" أي؛ لو كان الإنسان يمون رجلاً في شهر رمضان فقط فإنها تجب عليه زكاة الفطر عنه.
مثال ذلك: لو نزل بك ضيف من أول يوم من شهر رمضان حتى آخر يوم وجبت عليك له زكاة الفطر فتخرجها عنه؛ لأنك تمونه في هذا الشهر، وهذا القول مبني على ما سبق من أن زكاة الفطر تجب على الذي يمون شخصاً آخر، وتقدم أن الصحيح عدم الوجوب، فيكون الضيف ونحوه من باب أولى ألا تجب زكاة الفطر عليه عنهم.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[13 - 10 - 05, 11:04 ص]ـ
سامحوني علي هذا السؤال الغريب
فهو ليس سؤالي
وفقك الله.
وبارك الله في الأخ زياد عوض فقد أجاد في استخراج كلام الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله رحمة واسعة - وقد قيل: الفقه معرفة المظان.
ولا تستغرب أخي الفاضل فالفقهاء - رحمهم الله - بحثوا فيما هو أغرب من هذا، وتركوا لنا خيرا كثيرا، فما علينا إلا السير على طريقة الفحول منهم في الاستنباط والفهم عن الله ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
¥