ومنها: حديث عبد الرحمن بن عوف قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدقته فدخل واستقبل القبلة فخر ساجدا فأطال السجود ثم رفع رأسه وقال: (إن جبريل أتاني فبشرني، فقال: إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله شكرا) رواه أحمد، قال المنذري: وقد جاء حديث سجدة الشكر من حديث البراء بإسناد صحيح ومن حديث كعب بن مالك وغير ذلك. انتهى. وأما الآثار فمنها: أن أبا بكر رضي الله عنه سجد حين جاءه خبر قتل مسيلمة. رواه سعيد بن منصور في سننه، وسجد علي رضي الله عنه حين وجد ذا الثدية في الخوارج. رواه أحمد في المسند، وسجد كعب بن مالك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما بشر بتوبة الله عليه. وقصته متفق عليها.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء7/ 266
http://www.islamqa.com/ar/ref/5110
ـ[أحمد بن عباس المصري]ــــــــ[05 - 10 - 09, 09:51 ص]ـ
هل يجوز أن يذبح شكرا لله على نعمة معينة؟
هل يجوز لإنسان قد اشترى سيارة أو داراً أن يذبح شكراً للَّه؟
الحمد لله
أولاً:
إنعام الله على الناس كبير، وفضله وكرمه لهم جزيل وعظيم، والنعمة لا تقابل إلا بالشكر والتقدير، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بشكره، فهو سبحانه شكور يحب الشاكرين.
قال تعالى: (فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) النحل/114.
وقال تعالى: (فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) العنكبوت/17.
ومِن شُكر الله تعالى التقرب إليه بأنواع العبادات والطاعات، والتحبب له بالحسنات الطيبات، من صلاة وزكاة وصيام ونحو ذلك.
ومن شكر الله أيضا شكره بالنسك وهو الذبح لوجه الله تعالى.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ):
"والمقصود أن الصلاة والنسك هما أجلّ ما يُتقرب به إلى الله، فإنه أتى فيهما بالفاء الدالة على السبب؛ لأن فعل ذلك وهو الصلاة والنحر سبب للقيام بشكر ما أعطاه الله إياه من الكوثر والخير الكثير، فشكر المنعم عليه وعبادته أعظمها هاتان العبادتان، بل الصلاة نهاية العبادات وغاية الغايات، كأنه يقول إنا أعطيناك الكوثر والخير الكثير، وأنعمنا عليك بذلك لأجل قيامك لنا بهاتين العبادتين شكراً لإنعامنا عليك، وهما السبب لإنعامنا عليك بذلك، فقم لنا بهما، فإن الصلاة والنحر محفوفان بإنعامٍ قبلهما وإنعام بعدهما، وأجلُّ العبادات المالية النحر، وأجلُّ العبادات البدنية الصلاة، وما يجتمع للعبد فى الصلاة لا يجتمع له فى غيرها من سائر العبادات، كما عرفه أرباب القلوب الحية، وأصحاب الهمم العالية، وما يجتمع له فى نحره من إيثار الله وحسن الظن به وقوة اليقين والوثوق بما فى يد الله أمر عجيب إذا قارن ذلك الإيمان والإخلاص، وقد امتثل النبي صلى الله عليه وسلم أمر ربه، فكان كثير الصلاة لربه، كثير النحر، حتى نحر بيده فى حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة، وكان ينحر فى الأعياد وغيرها " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (16/ 532).
فإذا أنعم الله على العبد بنعمة جليلة – وكلُّ نِعَمِه سبحانه جليلة – فيستحب له أن يشكر الله عليها بأن يحسن إلى الناس، فيذبح ويطعم ويدعو إخوانه وأصحابه، ويتصدق على أهل الحاجة والمسكنة.
جاء في " الموسوعة الفقهية " (26/ 180، 181):
" يستحبّ تجديد الشّكر عند تجدّد النّعم لفظاً بالحمد والثّناء، ويكون الشّكر على ذلك أيضاً بفعل قربة من القرب، ومن ذلك أن يذبح ذبيحةً أو يصنع دعوةً، وقد ذكر الفقهاء الدّعوات الّتي تصنع لما يتجدّد من النّعم، كالوكيرة الّتي تصنع للمسكن المتجدّد، والنّقيعة الّتي تصنع لقدوم الغائب، والحِذَاق وهو ما يصنع عند ختم الصّبيّ القرآن.
ومذهب الحنابلة، وهو الرّاجح من مذهب الشّافعيّة، أنّ هذه الدّعوات مستحبّة.
¥