تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

النوع الثاني: ألا تظهر حكمة التشريع من الفعل فقد يكون هذا الفعل مما تقتضيه الجبلة أو يكون جاء الأمر على عادات العرب الأول كإعفاء الشعر وحمل العصا وإطلاق الأزرار ونحو ذلك فهذا يشرع فعله من باب التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وليس هذا الفعل سنة بحد ذاته فإذا فعله المرء قاصداً التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم أجر على ذلك.ومن هذا يتضح أن من حمل العصا يوم الجمعة قاصداً التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم فلا مانع من ذلك ومن حمله زاعماً أن هذا الفعل سنة فلا دليل عليه وأيضاً لم ينقل أحد من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم المعتنين بأقواله وأفعاله أنه صلى الله عليه وسلم حمل العصا على المنبر سوى حديث الباب فلو كان هذا الفعل مشروعاً على وجه الدوام لنقله أنس بن مالك الذي لزم النبي صلى الله عليه وسلم حضراً وسفراً لمدة عشرة أعوام، ولنقله حافظ الأمة أبو هريرة رضي الله عنه الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة آلاف وثلاث مائة وثلاث وسبعين حديثاً فلو كان هذا الفعل معروفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم لنقله أبو هريرة وغيره من الحفاظ فمنه يتضح أن حمل العصا من النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع على وجه الدوام ومن أراد أن يفعله يفعله من باب التأسي العام لا التأسي الخاص.

وقد قال بعض الفقهاء يستحب حمل العصا باليد اليمنى لأن حمله من باب المكارم وما كان سبيله المكارم فيستحب أخذه وحمله باليمنى لعموم ما جاء في الصحيحين من حديث شعبة عن أشعث بن أبي الشعثة عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت" قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله ".

قولها رضي الله عنها " وفي شأنه " شأن نكرة أضيفت إلى معرفة فتفيد العموم ما لم يرد تخصيص في ذلك.

قال في المراقي في باب ما يفيد العموم:

وما معرفاً بأل قد وجدا أو بإضافة إلى معرف إذا تحقق الخصوص قد نفى

وهذا القول أعني استحباب حمل العصا باليد اليمنى قول متوجه.وكان هذا الأمر هو المعمول به يخطبون حفظاًَ وكانوا يحملون العصا بميامنهم ولكن لما قلت البلاغة وكثر اللحن ودخلت العجمة في كلام كثير من الناس احتاجوا إلى حمل الورق لقرائنها على المنابر فاحتاجوا حينئذ إلى حمل العصا باليسرى والورقة باليمنى والمستحب لمن كان له قدرة أن يخطب حفظاً تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصحابة وبالتابعين لهم وبأهل العلم، لأن الخطبة لا تحتاج إلى مجهود كبير، يذكرهم بكلمات مختصرة كما تقدم أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم كانت قصداً يعدها العاد وكانت قرآته وهي سبح والغاشية أطول من خطبته فدل هذا أن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم كانت قصيرة لبعده عن التكلف، ولكن كانت خطبته قصداً فيها تذكير وبيان وقراءة للقرآن.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام من لا نبي بعده أما بعد

فهذا الإملاء من قولي وقد أذنت بإخراجه للاستفادة منه

كتبه سليمان بن ناصر العلوان

التوقيع

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير