تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثاً ـ أنه لا تعارض بين لعن المعين الفاسق وبين حقوقه الإسلامية العامة على المسلمين، من الأخوة والشفقة والنصيحة .. وفي هذا المقام يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومن جوَّز من أهل السنَّة لعن الفاسق المعين، فإنه يقول: يجوز أن أصلّي عليه وأن ألعنه، فإنه مستحقٍّ للثواب، مستحقٍّ للعقاب، فالصلاة عليه لاستحقاقه الثواب، واللعنة له لاستحقاق العقاب، واللعنة: البعد عن الرحمة، والصلاة عليه: سبب للرحمة، فيُرحم من وجه، ويُبعد عنها من وجه» (55)

رابعاً ـ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن لعن المصون من المسلمين، ونهى عن لعن من ظهرت منه كبيرة شرب الخمر، مُعلِّلاً نهيه عن لعنه بأنه يحبّ الله ورسوله، فدلَّ هذا على أنَّ من لم يظهر منه استخفافٌ وإعلانٌ بالمعصية لا يُلعَن.

نتائج المبحث

ومن خلال ما تقدَّم يمكن استخلاص النتائج التالية:

1 ـ أن كثرة اللعن ليست من صفات الأبرار، سواء كان اللعن متّجهاً لإنسانٍ يستحقّه أو لا يستحقّه أو لدابّة أو جماد أو غير ذلك.

2 ـ أن لعن المسلم الذي لم يأتِ كبائر الإثم ولم يجاهر بالمعاصي حرام بإجماع العلماء.

3 ـ أن لعن الفسّاق وأصحاب المعاصي على وجه العموم جائز بإجماع العلماء أيضاً.

4 ـ جواز لعن الفاسق المجاهر بكبائر الذنوب الظاهر فساده وإفساده مع كراهية ذلك.

5 ـ أن الدعاء بالهداية للفاسق أولى من لعنه.

وكتب أبو عبد الله الساحلي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع (الحواشي):

(1) ينظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس: 5/ 252 ـ 253؛ لسان العرب لابن منظور: 13/ 387؛ مفردات ألفاظ القرآن للأصبهاني، ص741؛ المصباح المنير للفيومي، ص212، كلهم مادة لعن.

(2) المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم للقرطبي أبي العباس: 6/ 579.

(3) القُهُستاني (ت95هـ): محمد القُهُستاني، شمس الدين، فقيه حنفي، كان مفتياً ببخارى، له كتب منها: (جامع الرموز) ط. الأعلام للزركلي: 7/ 11.

(4) حاشية ابن عابدين: 3/ 416.

(5) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ص74، في: 145 ـ باب ليس المؤمن بالطعَّان، رقم (312)؛ وأخرجه الترمذي في السنن: 4/ 371، في: 28 ـ كتاب البرّ والصلة، 72 ـ باب ما جاء في اللعن والطعن، رقم الحديث (2019). وإسناده حسن. ينظر جامع الأصول: 10/ 758.

(6) أخرجه مسلم في صحيحه: 4/ 2005، في: 45 ـ كتاب البر والصلة والآداب، 24 ـ باب النهي عن لعن الدواب وغيرها، رقم الحديث (2597).

(7) أخرجه مسلم في صحيحه: 4/ 2006 في الكتاب والبابين السابقين، رقم (2598)؛ وأخرجه أبو داود في السنن، ص742 في: 35 ـ كتاب الأدب، 53 ـ باب في اللعن، رقم (4907).

(8) أخرجه مسلم في صحيحه: 4/ 2005 في الكتاب والبابين السابقين، رقم (2596).

(9) أخرجه أبو داود في السنن، ص743، في: 35 ـ كتاب الأدب، 53 ـ باب في اللعن، رقم (4908)؛ وأخرجه الترمذي في السنن: 4/ 350، في: 28 ـ كتاب البر والصلة، 48 ـ باب ما جاء في اللعن، رقم (1977)؛ وأخرجه ابن حبان وصحّحه: 13/ 56، في: 44 ـ كتاب الحظر والإباحة، 10 ـ باب اللعن، رقم (5745).

(10) أخرجه البخاري في صحيحه، ص1307، في: 78 ـ كتاب الأدب، 73 ـ باب من كفَّر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، رقم (6105)؛ ومسلم في صحيحه: 1/ 104، في: 1 ـ كتاب الإيمان، 47 ـ باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه .. رقم (110)، وهو قطعة من الحديث.

(11) أخرجه البخاري في صحيحه، ص1284، في: 78 ـ كتاب الأدب، 4 ـ باب لا يسب الرجل والديه، رقم (5973)؛ وأخرجه مسلم في صحيحه: 1/ 92، في: 1 ـ كتاب الإيمان، 38 ـ باب بيان الكبائر، رقم الحديث (90) والسياق للبخاري.

(12) أخرجه الطبراني في الأوسط: 7/ 348، رقم (6670)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 8/ 73: وإسناد الأوسط جيد، وكذا قال المنذري في الترغيب والترهيب: 3/ 463: «رواه الطبراني بإسناد جيد».

(13) ينظر: المفهم للقرطبي: 6/ 579 حيث قال: ولعنُ المؤمن كبيرةٌ من الكبائر، إذ قد قال صلى الله عليه وسلم: «لعن المؤمن كقتله».

(14) الأذكار للنووي، ص506.

(15) مجموع الفتاوى لابن تيمية: 20/ 158.

(16) تقدَّم تخريجه ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير