تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأنها لو امتنعت عن ذلك لم يلحقها من جرائه إثم وأن على الرجل تحصيل تلك الأمور لها يؤدي إلى لوازم قبيحة في النفس، فمعنى ذلك أن المرأة أو امتنعت عن فعل ذلك المعروف لكان على الرجل أن يحصل لها ذلك عن طريق خادم يقوم بتلك الأمور من تنظيف البيت وإعداد الطعام وغير ذلك من الأمور التي تحتاج إليها البيوت فإذا كان الزوج غير قادر على كلفة الخادم لقلة ذات يده لوجب عليه-في قول أولئك- أن يقوم هو بنفسه بتلك الأعمال فيقوم بكنس البيت وتنظيفه كما يقوم بغسل الأواني والثياب وإعداد الطعام بينما هي جالسة في البيت وهذا في الحقيقة قلب للأمور فالرجل يصير واجبا عليه العمل في الخارج ليكسب المال الذي يتقوت منه هو ومن يعول ويصير واجبا عليه أيضا أن يقوم بخدمة المنزل، فإذا جاء من عمله مرهقا متعبا ولم يد طعاما جاهزا ولا بيتا نظيفا ولا ثوبا نظيفا بدأ هو بتجهيز الطعام له ولها وللأولاد، وكذلك تنظيف البيت وغسل الثياب وهذه أوضاع منكوسة تأباها النفوس السوية ولا تأمر بها الشريعة الإسلامية، لأن الله تعالى يقول:" وللرجال عليهن درجة"، وبالجملة فإن من قال لا يجب على المرأة خدمة البيت فليس معه إلا مجرد الدعوى.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى اختلاف العلماء في تلك المسألة وذكر ما الصواب من أقوالهم فقال:" وتنازع العلماء: هل عليها أن تخدمه في مثل فراش المنزل ومناولة الطعام والشراب والخبز والطحن والطعام لمماليكه وبهائمه: مثل علف دابته ونحو ذلك؟ فمنهم من قال: لا تجب الخدمة. وهذا القول ضعيف كضعف قول من قال: لا تجب عليه العشرة والوطء ; فإن هذا ليس معاشرة له بالمعروف ; بل الصاحب في السفر الذي هو نظير الإنسان وصاحبه في المسكن إن لم يعاونه على مصلحة لم يكن قد عاشره بالمعروف. وقيل - وهو الصواب - وجوب الخدمة ; فإن الزوج سيدها في كتاب الله ; وهي عانية عنده بسنة رسول الله ? ; وعلى العاني والعبد الخدمة ; ولأن ذلك هو المعروف. ثم من هؤلاء من قال: تجب الخدمة اليسيرة. ومنهم من قال: تجب الخدمة بالمعروف وهذا هو الصواب فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال: فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة ". وقال ابن القيم:"فصل في حكم النبي ? في خدمة المرأة لزوجها: قال ابن حبيب في "الواضحة":حكم النبي ? بين علي بن أبي طالب وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة فحكم على فاطمة بالخدمة الباطنة خدمة البيت وحكم على علي بالخدمة الظاهرة ثم قال ابن حبيب: والخدمة الباطنة العجين والطبخ والفرش وكنس البيت واستقاء الماء وعمل البيت كله ثم ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى حديث إتيان فاطمة النبي ? تشكو إليه ما تلقى من الرحى في يدها وذكر حديث خدمة أسماء للزبير خدمة البيت وخدمة الفرس ثم قال ابن القيم بعدما ذكر اختلاف أهل العلم في ذلك: فاختلف أهل العلم في ذلك فأوجب طائفة من السلف والخلف خدمتها له في مصالح البيت وقال أبو ثور: عليها أن تخدم زوجها في كل شيء ومنعت طائفة وجوب خدمته عليها في شيء وممن ذهب إلى ذلك مالك والشافعي وأبو حنيفة وأهل الظاهر قالوا لأن عقد النكاح إنما اقتضى الاستمتاع لا الاستخدام وبذل المنافع قالوا: والأحاديث المذكورة إنما تدل على التطوع ومكارم الأخلاق فأين الوجوب منها؟ واحتج من اوجب الخدمة بأن هذا هو المعروف عند من خاطبهم الله سبحانه بكلامه وأما ترفيه المرأة وخدمة الزوج وكنسه وطحنه وعجنه وغسيله وفرشه وقيامه بخدمة البيت فمن المنكر والله يقول:" ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة:228] وقال:" الرجال قوامون على النساء" [النساء:34] وإذا لم تخدمه المرأة بل يكون هو الخادم لها فهي القوامة عليه وأيضا فإن المهر في مقابلة البُضع وكل من الزوجين يقضي وطره من صاحبه فإنما أوجب الله سبحانه نفقتها وكسوتها ومسكنها في مقابلة استمتاعه بها وخدمتها وما جرت به عادة الأزواج، وأيضا فإن العقود المطلقة إنما تنزل على العرف والعرف خدمة المرأة وقيامها بمصالح البيت الداخلة، وقولهم: إن خدمة فاطمة وأسماء كانت تبرعا وإحسانا يرده أن فاطمة كانت تشتكي ما تلقى من الخدمة فلم يقل لعلي: لا خدمة عليها وإنما هي عليك وهو ? لا يحابي في الحكم أحدا ولما رأى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير