تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أسماء والعلف على رأسها والزبير معه لم يقل له: لا خدمة عليها وأن هذا ظلم لها بل أقره على استخدامها وأقر سائر أصحابه على استخدام أزواجهم مع علمه بأن منهن الكارهة والراضية، هذا أمر لا ريب فيه، ولا يصح التفريق بين شريفة ودنيئة وفقيرة وغنية فهذه أشرف نساء العالمين كانت تخدم زوجها وجاءته ? تشكو إليه فلم يشكها"، لكن كون الخدمة مطلوبة من المرأة لا يعني أن المرأة تكلف من ذلك بما هو فوق طاقتها أو بما يثقل عليها فعله بحيث لا تتمكن معه من الاستمرار أو أنها تكلف بما لا تحسنه من الأمور أو بما هو خارج عن خدمة البيت، بل ينبغي على الرجل الكريم أن لا يكلف امرأته فوق طاقتها وأن يعاونها ويساعدها بنفسه إذا كان لديه الوقت والصحة اللذان يسمحان بذلك، أو بمن يقوم مقامه إذا كانت لديه القدرة المالية على ذلك ولنا في رسول الله ? الأسوة الحسنة فقد كان يقوم في بيته بخدمة نفسه وأهله بأبي هو وأمي كما دلت على ذلك الأدلة المتعددة اكتفي منها بقول عائشة رضي الله تعالى عنها:" كان يكون في مَهْنَة-تعني-خدمة أهلة، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة" وقد بوب عليه البخاري رحمه الله تعالى بقوله: كيف يكون الرجل في أهله، قال ابن حجر في شرحه:"وقد وقع في حديث آخر لعائشة أخرجه أحمد وابن سعد وصححه ابن حبان من رواية هشام بن عروة عن أبيه قلت لعائشة ما كان رسول الله ? يصنع في بيته؟ قالت: يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمله الرجال في بيوتهم "ولابن حبان من طري آخر:" ما كان إلا بشرا من البشر كان يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه " ففي هذه الأحاديث بيان ما كان عليه الرسول ? في بيته وهو القدوة والأسوة فينبغي على الرجال أن لا يحرموا أنفسهم من متابعة الرسول ? فيما كان يعمله في بيته وأن لا يتكبروا أو يتعالوا على نسائهم وأن لا يكلفونهن من الأعمال ما لا يطقن فإن كلفوهن بعمل شاق من أمر البيت فعليهم أن يعينوهن عليه وقد قال رسول الله ?:" إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم" وهذا الحديث قاله الرسول? في حق العبيد الأرقاء فما بالك بالأزواج الحرائر فهن أولى بذلك من حيث الإعانة والمساعدة قال ابن حجر:" ولا يكلفوهم ما يغلبهم أي عمل ما تصير قدرتهم فيه مغلوبة أي يعجزون عنه لعظمه أو صعوبته والتكليف تحميل النفس شيئا معه كلفة وقيل هو الأمر بما يشق" قوله"فإن كلفتموهم" أي ما يغلبهم وحذف للعلم به والمراد أن يكلف العبد جنس ما يقدر عليه فإن كان يستطيعه وحده وإلا فليعنه بغيره"

حكم اشتراط الخدمة في عقد النكاح:

وهنا مسألة لو اشترطت المرأة أو وليها في عقد النكاح عدم القيام بخدمة البيت فوافق الزوج، جاز ذلك ولم يكن عليها بعد ذلك خدمة البيت وعلى الزوج أن يوفي لها بما اشترط كما دل على ذلك قوله ?:" أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج" ولا يحق له بعد أن يطلب منها الخدمة ولو طلب منها وعصته في ذلك فلا أثم عليها، ومما يلحق بهذا الشرط المكتوب أن تكون المرأة من أهل بيت عرف عنهم عدم قيام المرأة بخدمة البيت وانه لو تقدم رجل للزواج بشرط قيام الزوجة بالخدمة لم يوافقوا عليه فتزوجها رجل وهو يعلم ذلك كان ذلك بمثابة الشرط المكتوب في العقد، وكذلك إن كان الرجل من أهل بيت عرف عنهم أنهم يخدمون النساء في بيوتهم وأن المرأة لو اشترطت عدم الخدمة لم يقبلوا ذلك فتزوجته المرأة وهي تعلم ذلك فكأنه اشترط عليها الخدمة فوافقت، وإذا لم تكن هناك عادة لأهل الرجل أو لأهل المرأة ولم يجر اشتراط مكتوب في العقد أو ملفوظ فالأصل الذي يرجع إليه أن خدمة البيت على المرأة كما دلت على ذلك الأدلة المتقدمة والله أعلم، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى:" المعروف فيما له ولها هو موجب العقد المطلق ; فإن العقد المطلق يرجع في موجبه إلى العرف، كما يوجب العقد المطلق في البيع النقد المعروف، فإن شرط أحدهما على صاحبه شرطا لا يحرم حلالا ولا يحلل حراما فالمسلمون عند شروطهم ; فإن موجبات العقود تتلقى من اللفظ تارة، ومن العرف تارة أخرى ; لكن كلاهما مقيد بما لم يحرمه الله ورسوله "

فوائد وأحكام دل عليها الحديث:

وقد دل الحديث على كثير من الفوائد والأحكام فمن ذلك:

1. جواز إطلاق لفظ هلك على من مات من المسلمين أو استشهد في سبيل الله.

2. فضل جابر بن عبد الله إذ راعى مصلحة أخواته في اختياره لزوجته.

3. الحض على تزوج الأبكار.

4. جواز العدول عن الفاضل إلى المفضول لمصلحة في ذلك.

5. إطلاق لفظ الجارية على البكر الصغيرة الحرة

6. جواز الملاعبة والمضاحكة بين الزوجين وأن ذلك لا يقدح في دين المسلم وفيه بيان أن في ديننا فسحة.

7. إشارة المسلم على أخيه بما يراه أفضل له حتى لو لم يستشره.

8. تفقد الأمراء لرعيتهم وسؤالهم عن أحوالهم.

9. الدعاء بالخير والبركة لمن عمل عملا حسنا صالحا.

10. الأخ يقوم مقام الأب عند فقده في تربية الإخوة والأخوات الصغيرات وتأديبهم والإنفاق عليهم.

11. كثرة الأولاد من البنين والبنات لا تمنع المسلم الصادق في إيمانه من الجهاد في سبيل الله.

12. عدم دعوة شخص في مناسبة من المناسبات لا تعني بالضرورة الكراهة وعدم المحبة وفتور العلاقات فإن جابرا لم يدع الرسول ? في زواجه هذا كما هو واضح من سياق الحديث.

13. جواز الزواج بعد موت الأب أو القريب بفترة قصيرة وأن هذا لا يقدح في الابن أو القريب فغن قول جابر رضي الله تعالى عنه: هلك أبي فتزوجت، دليل على أن الزواج حدث بعد موت الأب ولم يتخلل ذلك فترة طويلة وأن امتناع الناس عن الزواج بعد موت الأب أو الكبير في القبيلة مدة أربعين يوما أو أكثر من ذلك أو أقل لا أصل له.

14. فضل تربية البنات ولو كن أخوات فإن الرسول ? دعا لجابر بالبركة من أجل ذلك وقد دل على ذلك أيضا قوله ?:" من كان له أختان أو ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وقرن بين أصبعيه "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير